كل المعطيات المتجمعة في الافق اللبناني تشير الى مرحلة بالغة الخطورة وشديدة الدقة، ان بقي الستاتيكو التعطيلي على حاله والفرص الممنوحة دوليا للانقاذ مهدورة لبنانياً بإرادة محور الممانعة المسيطر على القرار وحلفائه.
الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لم يخف قلقه في اطلالة امس الاربعاء فهو لا يعرف ما قد يقدم عليه الرئيس الاميركي دونالد ترمب في الشهرين الاخيرين من حكمه وامكان اشعال حرب في المنطقة وكل الاحتمالات مفتوحة”، مضيئا على عزل وزير الدفاع الأميركي مارك اسبر واحتمال ان يكون احد ألاسباب، وقوفه بوجه ترامب ورفضه تنفيذ ما يطلب”.
ليس الخيار العسكري بعيدا من العقلية الترمبية، ولا شكوك نصرالله في غير محلها، فتوجيه ضربة لايران واستتباعا لحزب الله امر وارد، استنادا الى مجموعة عوامل برزت اخيرا بدءا من اقالة اسبر وثلاثة مسؤولين كبار في وزارة الدفاع الاميركية مرورا باعادة التموضع الاستراتيجي الاميركي في المحيط الهندي وصولا الى التحليق الاسرائيلي المكثف على علو منخفض جدا في الاجواء اللبنانية بعد الاعلان عن اسقاط طائرة مسيّرة تابعة لحزب الله. فهل ينهي ترامب عهده عسكريا بعدما انهك خصومه بالعقوبات؟
فيما تؤكد مصادر امنية لـ” المركزية” ان بمعزل عما قد يخطط له الرئيس الاميركي فإن القراءة الآنية للتطورات تؤشر الى ان لا مصلحة لاسرائيل بضرب لبنان ولا لحزب الله بفتح نار جهنم عليه وعلى لبنان الفاقد ادنى مقومات الصمود، توضح اوساط دبلوماسية ان خطاب نصرالله امس وخلافا لمعظم القراءات في مضامينه عكس قلقا وتهيّبا لدقة المرحلة وما قد تحمل من مفاجآت غير سارّة. فبعيدا من الرد الطبيعي على العقوبات الاميركية في حق حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومحاولة مدّه بجرعات الدعم لاظهاره بموقع غير المتأثر بما يجري، عكست بعض مواقفه لا سيما اشارته مرات عدة الى التسليم لقرارات الدولة في مفاوضات ترسيم الحدود ولو تحت ستار “الثقة بالرئيس ميشال عون” هواجس مبطّنة. ذلك ان ملفا بهذا الحجم من الحساسية لم يكن الحزب ليتعاطى معه بليونة ملحوظة بل بعبارات نصرالله الشهيرة “شاء من شاء وابى من ابى” والضرب بيد من حديد في كل ما يتصل بملفات ذات صلة بالعدو الاسرائيلي.
فرياح العقوبات المقبلة ستكون بحسب الاوساط عاتية بعيدة من قاموس الرحمة والاعتبارات والمسايرة وجديدها متوقع نهاية الاسبوع ويمتد حتى 20 كانون الثاني، وفق التوقعات، وقد ترتقي الى المرتبة السياسية، فلا عودة الى الوراء وادارة ترامب لن تترك البيت الابيض من دون تلقين من يدورون في فلك حزب الله درسا قاسيا، والسؤال الاكثر ترددا يبقى عما اذا كانت ستستعمل الخرطوشة الاخيرة في فردها قبل الرحيل بتسديد الضربة العسكرية في ما لو لم تؤدِ العقوبات الغرض، ويعود لبنان الى موقعه الطبيعي داخل المجتمع الدولي وبعيدا من المحاور وصراعاتها الاقليمية؟…الرسائل الاميركية كثيرة في هذا الخصوص تبلغها السفيرة دوروثي شيا الى من يعنيهم الامر، وتصل الى المسامع الرئاسية، فأي درب يختار لبنان الانقاذ ام الانتحار؟ الخياران واردان مع منظومة سياسية اوصلت البلاد الى حيث هي اليوم وشعبها الى الكفر والذل وخيراتها الى الانظمة البائدة الحليفة من دون ان يرف لها جفن، والتجارب معها اكثر من ان تحصى.