قوية وكبيرة كانت الضربة الأميركية التي تلقاها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبيل انتقال السلطة إلى خلفه الديموقراطي جو بايدن. ذلك أن من يوصف بالرجل القوي في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يكن أول شخصية مسيحية تستهدفها الاجراءات الأميركية. لكنه الزعيم المسيحي الأول الذي تعاقبه واشنطن بتهم فساد، على ما أوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إضافة إلى علاقة تياره مع حزب الله، الخصم الأول لإدارة الرئيس ترامب السائرة بلا هوادة في الحرب الاقتصادية والنفسية ضد ايران وحلفائها، وهو ما كشفته سفيرة الولايات المتحدة دوروثي شيا بوضوح بقولها إن باسيل عرض على واشنطن فرط التحالف مع حزب الله، على وقع اهتزازات كبيرة في العلاقة بين الطرفين حول ملفات حساسة.
لكن مصادر مراقبة أكدت لـ “المركزية” أن أهمية توقيت العقوبات على باسيل تتجاوز الحسابات الأميركية – الأميركية الضيقة، والسجال مع الضاحية والدائرين في فلكها، إلى ما قد يعتبر رسالة قوية إلى الأطراف المسيحيين اللبنانيين. وفي هذا الاطار، اعتبرت المصادر أن واشنطن أرادت أن تؤكد للمسيحيين أن مصلحتهم تكمن في الوئام مع الولايات المتحدة، لا في معاداتها وتأييد توجهات الممانعة ومحورها.
أما على المستوى الداخلي، فإن المصادر لفتت إلى أن “القصاص” الأميركي الذي مني به باسيل أتى في وقت تتصدع فيه الساحة المسيحية بشكل كبير، خصوصا أن علاقات التيار الوطني الحر متوترة مع القوات اللبنانية كما مع المردة والكتائب. بدليل أن النائب القواتي فادي سعد أعلن أن معراب تصدق الاتهامات الأميركية في حق باسيل، في وقت لا يزال تصريح زعيم المردة سليمان فرنجية الشهير عن أن “جبران باسيل سئيل”، ماثلا في الأذهان، تماما كما المواجهات السياسية مع الصيفي، أبرز معارضي العهد العوني.
وفي وقت لا تتوقع المصادر أن تنقلب الصورة المسيحية إلى الايجابية في القريب العاجل، حضت الافرقاء المعنيين بهذه الساحة على العمل على ردم الهوة في ما بينهم، واتخاذ موقف من حزب الله، المسبب الأول للعقوبات، وإلى تأييد موقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في ما يخص الحياد الايجابي المطلوب دوليا، علها بذلك تستعيد دورها وحضورها التاريخي، وتعيد للبنان بعضا من توازنه السياسي المفقود.