توازياً مع دخول لبنان الاغلاق لمدة أسبوعين، دخل المسار الحكومي وربما مسارات البلاد كلها دائرة الإغلاق والحجر. فرغم المواكبة الفرنسية التي لا تستكين سعياً إلى إنقاذ لبنان من كارثة وشيكة، فإن المواقف التي سجلت في اليومين الفائتين، على مسار التأليف الحكومي أظهر تبايناً عميقاً، بل تعارضاً، بين المسارين الفرنسي والأميركي حيال لبنان.
وإذا كانت التساؤلات حول حقيقة الموقف الأميركي التي مع إطلاق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبادرته الإنقاذية قد استقرت على وضعه في خانة الحياد الإيجابي، إلا إن المسار التصاعدي للعقوبات على حزب الله وحلفائه في لبنان، بداية مع وزيري تيار المردة وحركة أمل، وأخيراً مع زعيم التيار الوطني الحر جبران باسيل أوحى أن الولايات المتحدة ليست بوارد القبول بحكومة يتم تشكيلها وفق الصيغة التي ارتضى بها الفرنسيون، والتي تعيد تعويم حزب الله وتجدد نفوذه وسطوته على الساحة اللبنانية.
وهذا التضارب بين المسارين سيطيح على الأرجح بالمسعى الفرنسي الاخير لاعادة احياء مبادرة ماكرون والذي لم يفض الى تحقيق اي تقدم. مصدر وزاري كشف لـ القبس ان الضربة الاولى لمهمة الموفد الفرنسي باتريك دوريل تمثلت في طلب الرئيس ميشال عون من الرئيس المكلف اجراء مشاورات مع القوى السياسية، ومن ضمنهم رئيس التيار الوطني جبران باسيل بطبيعة الحال، الذي سيعيد التأكيد على وحدة المعايير لنعود الى المربع الاول.
وبحسب المصدر، حاول الموفد الفرنسي العمل على كسر القطيعة بين باسيل والحريري، متمنيا على الاخير ان يمهد لذلك عبر اتصال هاتفي. وهذا ايضاً كان مطلب حزب الله الذي التقى دوريل ممثلا عنه في ضاحية بيروت الجنوبية. غير ان المرونة الفرنسية تجاه حزب الله التي سعى الى ابرازها من خلال إشاعة اجواء ايجابية عن لقائهما، تزامن مع موقف ناري للسفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، هو الثاني لها في غضون أسبوع، حول العقوبات على باسيل، وكذلك حول موقف بلادها من الحكومة العتيدة. وفق المصدر عينه، انطوى كلام السفيرة على تهديد لباسيل بإمكانية تعرضه للمزيد من العقوبات، مترافقة مع حملة ضغوط شديدة على اعضاء في تكتله النيابي وكذلك على قيادات وكوادر التيار الوطني الحر.
اما في الملف الحكومي، فقد قالت بوضوح ان بلادها لن تعترف بأي حكومة يكون حزب الله شريكاً فيها أو مؤثراً فاعلاً، لكن أخطر ما جاء في تصريح السفيرة وفق المصدر قولها إن واشنطن لم تعامل لبنان كما دول الخليج، أي انها لم تتركه بالكامل وظلت تقدم له المساعدات في قطاعات كثيرة، لا سيما الامنية والعسكرية منها. فهل يؤشر كلامها هذا الى نية اميركية بالتخلي عن لبنان وهل يعي المسؤولون فداحة هكذا خطوة، واي مصير سيواجه لبنان المتخبط في ازماته منذ اكثر من سنة اذا أصبح كإيران وسوريا؟ يختم المصدر الوزاري.