كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية”:
الفراغ مازال اللاعب الأقوى في لبنان؛ فالمستشار الفرنسي باتريك دوريل غادر بحصيلة يتيمة، تأمين التواصل بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بواسطة هاتفه الشخصي، والحريري (لا تشكيل ولا اعتذار)، وباسيل لا يريد شيئا ويمسك بكل شيء.
دوريل أبلغ المعنيين ان عدم تأليف الحكومة بالشروط السياسية والإصلاحية المعروفة، يعني ألا مساعدات دولية، لا دولار، ولا طن طحين.. والمفارقة العملية، ان المبعوث الفرنسي لقي التأييد المطلق لتحركه، من رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ومن رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل، إضافة الى تفهم الرئيس المكلف سعد الحريري، الذي تشكل المبادرة الفرنسية ظهيره الأساسي والسند، أما الباقون، فقد أفاضوا في الكلام المعسول مع «لكن» و«انما» فقد ايدوا المبادرة الفرنسية ولم يتحدثوا عن تشكيل الحكومة، أي حكومة، بعكس ما كانوا يرددونه أمام الرئيس ماكرون: نريد حكومة أي حكومة!
على ان دوريل كرر الوعد الفرنسي في حال اهتمام اللبنانيين بأنفسهم، والتوقف عن العمل لأجل غيرهم، من مؤتمر الدعم الدولي للبنان في باريس، نافيا ان تكون زيارته إنذارا بالعقوبات، كما تردد، لكنه أشار الى ان العقوبات يمكن ان تطال السياسيين، إذا غرق البلد في انهيار كبير، مفضلا للبنان حكومة اختصاص مستقلين، وليس كاختصاصيي حكومة حسان دياب، الذين لكل منهم ولي أمر، «الإنجاز» الوحيد لزيارة دوريل، كان الاتصال الذي وفره بهاتفه الخاص بين الحريري وباسيل، أثناء لقائه الأخير، بادر الى الاتصال بالحريري، وبعد حديث قصير معه أعطى الهاتف لجبران باسيل الذي تحادث مع الرئيس المكلف انما لأول مرة منذ ما قبل استشارات التكليف.
يضاف إلى ذلك، إنجاز نظري تمثل بمنع الوزارات السيادية، وضمنها وزارة الطاقة، على الحزبيين من أي اتجاه، وحتى على من تسميهم الأحزاب، ولو اقتضت التسمية المرور بالرئاسة الفرنسية.
مقابل الضغط الفرنسي الناعم، كانت هناك المزيد من الخشونة الأميركية، وللمعادلة الجديدة التي طرحتها السفيرة الأميركية دوروتي شيا، هي ان الولايات المتحدة لاتزال ترفع العصا على الحزب، وقالت في مداخلة إعلامية وزعتها السفارة على وسائل الإعلام: باسيل مازال يغطي سلاح الحزب والحزب يغطي فساد باسيل.
وأشارت شيا الى ان بلادها لم تدعم حكومة حسان دياب المستقيلة، لأنها من تأليف حزب الله، «وسنرى ما سيكون عليه شكل الحكومة اللبنانية المقبلة، لتحديد موقفنا، وإذا لم نفعل، فسيعودون الى فسادهم، ولا احد سوف يساعدهم بتاتا، ولن يكون اي شيء مجانياً بعد اليوم».
وعلى الرغم من المخاطر المحيطة بالمنطقة، مازال المسؤولون اللبنانيون منغمسين بالجدل حول جنس الحكومة وحجمها ولونها، متجاهلين او متغافلين عن المسار التصعيدي للأوضاع في المنطقة، وعن مدى الانحطاط الذي قادت المنظومة الحاكمة لبنان إليه.