فتح خبر اغتيال أبو محمد المصري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الإرهابي في طهران، قبل أيام، الباب مجددا على مسألة استضافة إيران لعناصر التنظيم وعائلاتهم.
فعلى الرغم من النفي الإيراني لاحتضان القاعدة، إلا أن عدة وقائع كشفت على مدى السنوات الماضية العكس، فضلا عن تصريحات مسؤولين إيرانيين أنفسهم، ووثائق وشهادات نشرت في هذا الإطار أيضا.
وأكد محمد رضا حيدري، الدبلوماسي الإيراني السابق المقيم في النرويج، والذي انشق عن السلطة في أعقاب قمع الاحتجاجات الشعبية عام 2009، “أن بعض عناصر القاعدة وعائلاتهم يقيمون منذ فترة طويلة جدًا سراً في إيران”.
وقال في مقابلة مع مجلة “لو بوان” الفرنسية: “استراتيجية الجمهورية الإسلامية تقضي بإقامة اتصالات مع أعداء الولايات المتحدة حتى تتمكن من ضرب مصالح واشنطن في المنطقة، تماشيا مع المثل القائل عدو عدوي صديقي”.
وأوضحت المجلة أنه بعد الحادي عشر من أيلول 2001، أثناء مطاردة الجيش الأميركي لمسؤولي القاعدة في أفغانستان، لجأ بعض كبار قادة التنظيم إلى إيران.
ولعل الوثائق التي استولت عليها الولايات المتحدة بعد اقتحام مقر أسامة بن لادن في أبوت آباد ، بباكستان في أيار 2011، تعطي فكرة أوضح عن مدى هذا “التعاون”.
فوفقًا لأرشيف وكالة المخابرات المركزية، الذي رفعت عنه السرية في كانون الاول 2017، فإن أول عضو في القاعدة استقر في إيران بأيلول 2001 كان المتطرف الموريتاني أبو حفص الموريتاني، وهو صديق مقرب لبن لادن.
وقد كشف الصحافي ليمن ولد سالم، الذي استطاع التحدث إلى أبو حفص عام 2018، أن أعضاء القاعدة غالبا ما كانوا يعيشون في مجمعات سكنية، مضيفا أن الإرهابي الموريتاني تمكن حتى في وقت من الأوقات من الوصول إلى الهاتف والإنترنت، كما كان يستطيع حتى التجول في المدينة و الاتصال بأسرته.
بدوره، أوضح راز زيمت، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) أن “استقبال إيران لمسؤولي القاعدة يمكن فهمه وتفسيره عند رؤية المزايا التي قد تستفيد منها طهران مقابل ذلك، فهم أولا بمثابة ورقة مساومة في حال خطفت القاعدة إيرانيين وأخذتهم رهائن”.
وتابع : “طهران تسعى بذلك أيضا إلى السيطرة على أنشطة الجماعة، وبالتالي منعها من مهاجمة الأراضي الإيرانية، كما أنها بطبيعة الحال تأمل في التعاون مع القاعدة ضد أهداف أميركية”.