Site icon IMLebanon

Telehealth… زمن الديليفيري الطبي

كتبت ماريانا معضاد في صحيفة “الجمهورية”:

 

في ظل انتشار وباء فيروس كورونا المستجد، بدأت المستشفيات تعتمد أكثر فأكثر على تقديم الخدمة الصحية عن بُعد، وذلك بهدف الحد من انتشار الفيروس، فضلاً عن تخفيف الضغط على الطاقم الطبي، لاسيما في العيادات الطبية الخارجية.

فقد أظهرت دراسات أنّ صحة بعض المرضى تتدهور بسبب خوفهم من الاستشفاء تفادياً للإصابة بالفيروس، وبعضهم حتى يَلقى حتفه.

رعاية طبية «delivery»

إنّ الرعاية الصحية عن بعد أو الـtelehealth هي عندما يتلقّاها المريض من دون التواجد جسدياً في العيادة أو المستشفى. ويقول د. غسان حمادة، طبيب عائلي معتمد من قبل المجلس الأميركي American Board of Medical Specialties، ورئيس قسم طب العائلة في الـAUB، وعضو في مجلس المعلوماتية السريرية ومسؤول عن المعلوماتية الطبية في الجامعة الأميركية: «الهاتف هو أول أداة للرعاية الصحية عن بُعد من خلال استعمال الصوت، حيث يتواصل المريض مع الطبيب أو الممرض للاستشارات والمتابعة الصحية وغيرها. كما يمكن تقديم الرعاية الصحية عن بُعد باستعمال الصوت والصورة، وأصبح بإمكان العامل الصحي جَمع المعلومات الطبية من المريض، مثل ضغط الدم وحرارة الجسم ونسبة الأوكسجين في الجسم وسرعة النبض ونسبة السكري في الدم، لا سيما إذا كان المريض يملك المعدات اللازمة أو يمكنه الوصول إليها. وربما نتوصّل في المستقبل إلى وسيلة تسمح لنا باستعمال الصوت والصورة واللمس أيضاً لإجراء الفحص الطبي الجسدي».

وتابع د. حمادة: «هذه الوسائل ليست أمراً جديداً، لكنّ انتشار الفيروس دَفَعَ إلى زيادة استعمالها. وأشدّد على أهمية عدم إهمال المريض في المتابعة اللازمة، لاسيما في حال إصابته بمرض مُزمن، مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم. في الواقع إنّ هذا الـDelivery الطبي يُقلّل الكلفة على المريض، ويوفّر الوقت عليه وعلى الطبيب، كما يسمح بمتابعة أكبر. ولكن دعونا لا ننسى الجهود المبذولة في تدريب الطاقم الطبي على الرعاية الصحية عن بُعد قبل تطبيقها».

المستشفى بؤرة العدوى؟

في هذه الأيام، تخشى الناس من الذهاب إلى المستشفى كي لا تصاب بالفيروس، ولكن بحسب د. حمادة: «إنّ أكثر مكان آمن هو المستشفى. فهي معقّمة دائماً، والتدابير الاحترازية فيها تؤخَذ على محمل الجد. في الواقع، نادراً ما يُصاب الناس بعدوى كورونا داخل المستشفى، إذ تحدث الأعداد الهائلة كلها خارجها، في بيئة العمل ووسائل النقل العام والمتاجر والتجمعات، وداخل المنزل الواحد… لذلك، إنّ المجتمع هو بؤرة العدوى، لا المستشفيات».

العقبات

تكلم د. غسان على عواقب تواجه ممارسة الرعاية الصحية عن بعد، أبرزها:

«1 – المال: لا تسمح القوانين للأطباء بتقاضي كلفة الزيارة الطبية، فيما هي حقهم.

2 – الأخطاء الطبية: بسبب حصول بعض الأخطاء الطبية في السابق في مجال وصف الأدوية عن بُعد، تمنع القوانين ونقابة الأطباء، الأطباء من إعطاء الوصفة الطبية للمريض عن بُعد.

3 – غياب الـdocumentation: ما من نظام خاص بالرعاية عن بعد يسجّل الزيارات الطبية الالكترونية.

لكنّ الحلول لهذه الصعوبات ليست فردية، بل هي على صعيد النظام الصحي: على القوانين أن تسمح هذه الممارسة وتسهّلها، وعلى الضمان الاجتماعي وشركات التأمين أن تعترف بالوصفات الطبية عن بعد، وغيرها من الخطوات الأساسية لنجاح هذه الرعاية الصحية».

وأضاف: «دفعَ كوفيد-19 الكثير من الناس إلى تَقبّل مفهوم الرعاية عن بعد، حتى أنّ بعض البلدان قد سَنّت قوانين خاصة بالرعاية الصحية عن بعد أو عَدّلت فيها لتسهيل سَير الأمور. أمّا في لبنان، فنشرت النقابة تعميماً شجّعت فيه الأطباء على ممارسة الرعاية الصحية عن بعد، ولكن ما زالت الوصفة الطبية تستوجِب الأوارق القانونية اللازمة. في الحقيقة، إنّ الاستشارة النفسية هي أنجَع وَجه من الرعاية الصحية عن بُعد في لبنان، كما مجال صحة الطاقم الطبي، ومتابعة الأمراض المزمنة».

وبرأي د. حمادة «لا دور حالياً للرعاية الصحية عن بعد للمرضى داخل المستشفى، الأمر الذي قد يتغيّر في المستقبل. ونحن بانتظار القوانين التي تنظّم الرعاية الصحية عن بعد، بما فيها الوصفة الطبية الالكترونية، ومعايير دولية تربط الملفات الصحية الالكترونية على مستوى دولي».