Site icon IMLebanon

لبنان يعاود السباحة مع… “القروش”

للمرة الأولى منذ انطلاق مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون قبل نحو شهرين ونصف الشهر، يسود مناخٌ في بيروت بأن القاطرةَ الفرنسيةَ لمسارِ فرْملة السقوط السريع للبنان، لم تعُد مرغوبةً من أطراف وازنةٍ في الداخل أو بالحدّ الأدنى صارت أسيرةَ محاولاتٍ لـ «ترويض» ما تبقى من مرتكزاتها المتصلة بشكل الحكومة المطلوبة، بعدما تَجاوَزَ الائتلافُ الحاكِمُ «قطوعَ» الانتخاباتِ الأميركية وانحنى «حزب الله» خصوصاً أمام الجزء الأكبر من «العاصفة الترامبية» ليَبقى شهران انتقاليان قد يكونان «الأخطر».

وجاء معبّراً عشية دخول تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة العتيدة شهرَه الثاني غداً، ما يشبه «السباق» بين المؤشرات السلبية التي اتّخذت شكل نعيٍ ضمني لإمكانات استيلاد التشكيلة الموعودة في المدى المنظور بالتزامن مع إشاراتٍ غير مسبوقة من «حزب الله» عبر إعلامه وقريبين منه حملتْ تصويباً على الحريري نفسه، كما على «العرّاب» الفرنسي لعملية وقف التدحرْج في قلب الهاوية وصولاً إلى «الكاوبوي» الأميركي، مع تخصيص كلّ من هذا «الثلاثي» بحصّة من «مضبطة الاتهام» وفق الآتي:

* اتهام باريس عبر موفدها باتريك دوريل، بالعرْقلة من خلال الإصرار على فرْض اسمي وزيريْ الطاقة والمال وانحيازه للحريري على حساب الرئيس ميشال عون وفريقه.

* الأخْذ على الحريري «الانقلاب على تفاهماتٍ سابقة مع عون» و«الانصياع لأميركا» الراغبة بتأليف حكومة لا يشارك فيها «حزب الله» بأي طريقة.

* اعتبار واشنطن مصدر «الأذى» والتعطيل الرئيسي عبر تطويقها المسعى الفرنسي ومحاولة توجيهه وفق شروط تعمّق الأزمة وتحرّض اللبنانيين بعضهم على بعض، وفق تلفزيون «المنار».

ولاقى باسيل في إطلالة عبر قناة «العربية الحدث»، هذا المناخ السلبي حكومياً غامزاً من قناة الحريري بحديثه عن «وعودٍ حكومية معطاة للداخل لا تتناسب مع المعطاة للخارج، وعند جمْعهما بهذا ‏الشكل لا يركب البازل، وإذا احتُرمت الوعود تتألف الحكومة في 24 ساعة»، مؤكداً «لا أحد يستطيع الاستقواء علينا عبر الخارج، ونحن ‏نتخذ قراراً بألا نكون في الحكومة، ولا يمكن فرْض ذلك علينا».

ولم يكن ممكناً وفق أوساط مطلعة فصْلُ هذه «الهبّة الساخنة» متعددة الجبهة عن «مسرح العمليات» الاقليمي الذي يشهد مرحلة انتقالية بالغة الخطورة في الفترة الفاصلة عن دخول جو بايدن، البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المقبل، وبات واضحاً أن أحد عناوينها محاولة فرْض وقائع في ما خص موضوع إيران والمواجهة التي أرساها الرئيس دونالد ترامب معها ومع أذرعها وفي مقدّمها «حزب الله»، بما يمدّد مَفاعيل هذا المسار الذي يسود اقتناعٌ بأن الإدارةَ الجديدة قد لا تكون متضرّرةً منه، هي التي سيتعيّن عليها «إيجاد توازُن» بين أي مراجعةٍ للعلاقة مع طهران المحكومة بالاتفاق النووي وشروطه، وبين عدم التراجع عن الأبعاد ما فوق الاستراتيجية لتطوراتٍ قلبت المشهد الجيو – سياسي في المنطقة عبر «جدار السلام» مع اسرائيل ولن يكون من السهل التفريط بها، وتقتضي مراعاة مصالح العرب ولا سيما دول الخليج بوجه المشروع الإيراني.

وإذ كانت بيروت تتلقّف باهتمامٍ مواقف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من باريس وتأكيده «الحاجة لمواجهة ‏التطرف العنفي والتأثير الخبيث لحزب الله في لبنان»، مشدداً على «جهود الولايات المتحدة لإقامة حكومة ‏مستقرة تركز على الإصلاحات»، رأت الأوساط المطلعة أنه بعد مهادنةٍ مدروسة اعتمدَها المحور الإيراني في المنطقة، بما في ذلك لبنان، لزومَ محاولة «تهدئة الثور الهائج» وتهيئة الأرضية لاحتمال عودة ترامب عبر «الشبْك» مع مرحلة الـ DEAL المرتقب، جاء فوز بايدن ليجعل هذا المحور يستعيد أنفاسه ويسعى إلى مُشاكَسَةٍ لا تستجلب «القِرْشَ» (ترامب) وفي الوقت نفسه «ترْفع سعر» ساحاتِ النفوذ الإيراني في الطريق نحو التفاهماتِ الجديدة مع بايدن التي يصبح التفاوض حولها من موقع أكثر قوة كلما كانت إشاراتُ التوتير وتالياً تظهير القدرة على «الضبْط» أكبر وأوضح.