IMLebanon

سامي الجميل… لا حلفاء له ولا خصوم

كتبت غادة حلاوي في صحيفة نداء الوطن:

كان حزب “الكتائب اقوى الاحزاب اللبنانية وأعرقها”، بهذا القدر من الكلمات يكتفي قيادي سابق بالحديث عن حزب أمضى عمره “في خدمة لبنان”، أما الاجابة عن موقع الحزب اليوم على خريطة الاحزاب السياسية فتعبر عنها ابتسامة يستتبعها بالقول: “اسألي اللي قاعدين هونيك”، في اشارة منه الى قيادة الحزب الحالية برئاسة سامي الجميل. نجل الرئيس امين الجميل الذي عبدت له العائلة الطريق الى رئاسة الحزب بعد استشهاد شقيقه بيار الجميل، الذي اعتبره الكتائبيون واعداً في مسيرته الحزبية وآمنوا بقيادته بعدما استوعب القدامى منهم كما الجدد، وانطلق معهم في مسيرة حزبية شاء القدر ألا تكون طويلة.

“وين سامي؟”

زوار الرئيس امين الجميل يسمعون منه كلاماً ملؤه الخوف والقلق على ابنه وضيقه من الاخفاقات التي تعترض طريقه، ما يدفعهم الى الاستنتاج بأنه غير راضٍ عن مسار نجله في السياسة او انه لا يوافقه على اساليبه. لم يعد الاب يتعاطى الشأن الحزبي عن قرب وكلما قصدوه بشكوى او اعتراض كان سؤاله “وين سامي؟”.

“حين يتخلى الحزب عن تراثه معناها انه انتهى”. هذا هو الانطباع المكون لدى الكتائبيين: “الحزب الذي تأسس عام 1936 جاء الى رئاسته من يغير في أرزته ويسحب كل تراث جده وعمه ووالده من داخل غرف مركز حزبه، حتى تلك الطاولة التي شهدت اجتماعات المؤسسين. الامر ليس شكلياً فمن يغير الشكل يمكنه التلاعب بالمضمون المتصل بحضور الحزب وموقعه وتمثيله السياسي والشعبي”.

لأي لاعب في السياسة في لبنان أن يمتلك شرطاً من أربعة: إما أنه مرجعية معنوية ووطنية، أو لديه تمثيل في الحكومة، أو في مجلس النواب او في الشارع، لاسيما وانه فشل في الحشد في جل الديب المتنية بعد انسحاب “القوات” من الحراك في المناطق المسيحية. وغداة استقالته من الحكومة وبعدها من مجلس النواب لم يعد حزب “الكتائب” حاضراً بفعالية.

قضت تلك الاستقالة على حضور الحزب النيابي وعارضها محازبون كثر فهموا مغزاها لكنهم لم يقتنعوا بالهدف منها، في وقت تراجعت شعبية الحزب ومني بخسارة مزدوجة بعد خروجه من السلطة التنفيذية والتشريعية لاحقاً.

وعلى عكس والده لم يحافظ سامي الجميل على علاقاته مع الاحزاب واختصر منافسته مع “القوات” على رفع لهجة الخطاب السياسي لاستقطاب الشارع من دون اي خطوات أخرى. بين “التيار الوطني” و”القوات اللبنانية” يبدو حزب “الكتائب” في الصفوف الخلفية. يطيب لبعض الكتائبيين التشدد في انتقاد سامي الجميل الى حد القول انه “لا يعرف من الكتائب الا انه الحزب الذي أسسه جده وتسلمه والده وتخرج من صفوفه عمُّه بشير”، والقول متهكماً إنّ “الفاتورة الوحيدة المرتفعة التي يدفعها هي فاتورة الكهرباء لبيوت الكتائب في الاقليم، التي يجب ان تبقى مضاءة كدلالة على التواجد والاستمرار في العمل”.

لذلك يعيش “الكتائب” اليوم في ازمة، فرئيسه غير قادر على التلاقي مع “التيار الوطني” ولا العودة الى تحالفه الطبيعي مع “القوات اللبنانية”، بعدما بات يحصر معظم معركته في استهدافها مسيحياً، وحين قصده عدد من المعترضين ونصحوه بضرورة العمل لوقف هجرة الكتائبيين باتجاه “القوات” لم يجد الا التشدد في الخطاب جواباً مناسباً.

يؤخذ على سامي الجميل الذهاب بالاتجاه الآخر والتعاطي مع بقايا اليساريين والاسلاميين ممن فتح مكتب الحزب لمداواتهم خلال الحراك الاخير، وهو ما خلف انزعاجاً لدى المجموعات الكتائبية التي فضل بعضها الانكفاء بهدوء والتزام المنزل، قاطعين علاقتهم مع الجميل الابن الذي قصَّر في استقطابهم وتفهم اعتراضاتهم، وكان آخرها التعيينات التي خرج معظمها من دائرة منطقته بكفيا.

في توصيف عارفيه فإن سامي الجميل “اشتغل على ذاته”، لكن حنكته السياسية تحتاج الكثير ليتمتع بقدرة تحديد خياراته، بدليل ان لا تحالفات له ولا خصوم ولم يستطع استعادة دور وازن لحزبه. المتعارف عليه لدى منتقديه انه “يفكر صح لكن قراراته خطأ”.

الكتائب تغيرت وتبدلت احوالها من كتائب سعيد عقل وتوفيق يوسف عواد وشارل حلو وصلاح لبكي وانتشار شعبي واسع في مختلف انحاء لبنان، الى كتائب تتمحور حول “الشيخ الرئيس” ومشروع سياسي يضعه كتائبيون قبل غيرهم في خانة الأحلام.