بعدما كان المرضى الأثرياء من جميع الدول العربية يتوافدون لتلقي العلاج في لبنان، الدولة التي تشتهر بالعيادات والمستشفيات الخاصة الضخمة التي تجمع مجموعة من الأطباء المدربين في أفضل الجامعات الأوروبية والأميركية، بات هؤلاء الأطباء يستقلون الطائرات للهجرة منه، على حد تعبير مجلة “إيكونوميست”.
ونقلت المجلة الأميركية، عن أحد الجراحين أنّ راتبه، المدفوع بالليرة اللبنانية، يساوي 200 دولار أميركي شهرياً، أي أنّه يتقاضى أقل من دولار واحد في الساعة، كما ذكر طبيب آخر أنّ المستشفى الذي يعمل بها تدمرت بسبب الانفجار الضخم الذي وقع في مرفأ بيروت.
ومنذ انطلاق الازمة الاقتصادية، غادر حوالى 400 طبيب لبناني، أي ما يقارب 3 في المائة من إجمالي القوى العاملة، في العام الماضي.
وتتزامن الهجرة مع ارتفاع معدلات الإصابة بجائحة فيروس كورونا المستجد، حيث يشغل أكثر من 80 في المائة من أسرة العناية المركزة في المستشفيات اللبنانية، ما نتج عن حالة إغلاق كاملة، وكذلك فعلت تونس التي أقفلت البلاد كاملة خوفاً من عدم قدرتها على موجة تفشي أخرى من الفيروس لاسيما أنّ 40 في المائة من الأطباء التونسيين المسجلين في النقابة يعملون في الخارج.
وعلى الرغم من عدم وجود معيار عالمي للرعاية الصحية، ولكن تقترح منظمة الصحة العالمية حداً أدنى يبلغ 45 طبيباً وممرضاً لكل 10000 شخص، وتقع تسع دول عربية على الأقل تحت هذا المعيار، وفقاً للمجلة.
وفي مصر أقل من خمسة أطباء لكل 10000 شخص عام 2018، علماً أنّ الجامعات المصرية تخرج سنوياً حوالى 7000 من الكليات الطبية (15 في المائة أكثر من الولايات المتحدة مقارنة بعدد السكان)، ما يعني أنّ هذا النقص ليس بسبب فقدان المهارات.
وبمجرد تخرج الأطباء، يتوق العديد منهم إلى مغادرة بلده بسبب ضعف الرواتب، إذ يمكن للطبيب الجديد في مصر أن يتقاضى ما بين 2000 و2500 جنيه مصري (128-160 دولاراً أميركياً) شهريًا، وهو أقل بكثير من معدل إنفاق الأسرة المصرية المتوسطة بالشهر الذي يتجاوز ضعف راتبه.
يذكر أنّ الدستور المصري ألزم عام 2014، الدولة بإنفاق 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي على الرعاية الصحية، ولكن تم تجاهل ذلك إذ لم يبلغ الإنفاق 1.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2018. وفي السنوات الثلاث التي أعقبت الموافقة على الدستور، انخفض عدد أسرة المستشفيات لكل 10000 شخص بنسبة 8 في المائة، من 15.6 إلى 14.3.
كما تدفع ظروف العمل في العراق إلى هجرة الأطباء، لاسيما بعدما دمرت الحروب نظام الرعاية الصحية في البلاد، إذ أنّه يوجد 13 سريراً فقط لكل 10000 شخص ، مقارنة بـ 22 سريرًا في المملكة العربية السعودية و 28 في تركيا.