كتبت مريم مجدولين لحام في صحيفة نداء الوطن:
حرصت حكومة “حزب الله” لتصريف الأعمال على تصفير ما تبقى من الدولة اللبنانية، داخلياً، عبر السماح برفع صور قياديي المحور الممانع على الطرق، وخارجياً، عبر التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة “ضد إدانة إيران في خرقها لحقوق الإنسان”…! وما وجود لبنان على “قائمة العار” للمصوّتين سوى عيّنة عن هشاشة سيادة لبنان الذي باتت سواعد رموز حكامه خاضعة للعقوبات الأميركية من جهة، ولاستعمار إيراني هو الأشد تخلفاً وعنصرية بين كل ما عايشته بلادنا من استعمار.
بالرغم من أن من يحكم بلادنا، يحمل “الجينات اللبنانية” نفسها لشارل مالك، أحد أهم واضعي شرعة حقوق الإنسان، صوّت من يمثلون الشعب اللبناني حالياً ضد القرار الذي يدين “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” في إيران، ويدعو النظام الإيراني إلى إنهاء الاضطهاد والتمييز ضد المنشقين والأقليات، وذلك من دون تبرير رغم الأدلة الدامغة التي تملكها الأمم المتحدة عن ارتكاب هذه الدولة انتهاكات جسيمة وقمع ممنهج بلا هوادة، واعتقالات جماعية تعسفية واستمرار فرض عقوبة الإعدام على القُصّر في انتهاك لاتفاقية حقوق الطفل.
“من لبنان شارل مالك، إلى لبنان الهالك”، بهذه الكلمات استنكر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني قرار التصويت لـ”نداء الوطن” قائلاً: “هناك حكومة اسقطها الشعب ورفضها الشعب وأصرّت على زجّه في محور العار”. وتابع: “هكذا قرار يدمر هوية لبنان الإنسانية ويخرجه من مكانه الطبيعي ومن محوره الحضاري الفكري الإجتماعي الثقافي التقدمي التحرري المنفتح ومن محور الدول الناجحة، ليدخلنا في محور الدول القمعية والأنظمة الخالدة إلى الأبد التي تنتهك حقوق الإنسان. من المؤكد ألا يمر هكذا قرار مرور الكرام، وسيُحاسب الفاعلون، الذين تجرأوا على إهانة الشعب اللبناني الذي يتغنى بالحريات وصوّتوا ضد قناعات الأكثرية فيه. الشعب الذي قُصم ظهره بهكذا سياسة خارجية تتحدث باسمه سيحاسب، فقد وصل إلى نقطة التحول من حالة السكون والاستكانة إلى حالة الانفجار، ضغطاً على من يتحكمون بالسياسة الخارجية وهم ليسوا الأكثرية ولا يمثلون رأي الشعب الذي أسقطهم في الثورة الشعبية الأخيرة”.
من جهته اعتبر المحامي ميشال فلاح في حديث مع “نداء الوطن” أن صورة لبنان الخارجية “تتلطخ أكثر فأكثر بسبب هذا العهد الملطخ بدوره بسمات العمالة والخضوع، فها هو لبنان يوضع على لائحة العار دولياً في تأكيد جديد على تموضع لبنان في المحور الفارسي المدمر والكارثي”، وختم: “لقد دخلنا التاريخ من أقذر أبوابه، فهي لائحة سنحتاج سنوات للخروج منها، فالسقوط ليس كالبناء”.
أغلب من علق من الناشطين على وسائل التواصل الإجتماعي، أدانوا خيار الخارجية اللبنانية في “التوجه شرقاً” نحو “محور منتهكي الحقوق” الذين رفضوا القرار السابع والستين في انتهاكات حقوق الإنسان الذي اعتُمد بأغلبية 79 صوتاً مؤيداً بخاصة بعد أن دأب البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على الطلب باعتماد لبنان “الحياد” عن صراعات” حزب الله” الحربية في الخارج وعن تحالفاته الإقليمية. أما مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فرأت أن “التهاون إزاء هذه الجريمة المستمرة ضد الإنسانية هو جرح غائر في ضمير الإنسانية المعاصرة”، مؤكدة أن المسؤولين عن غالبية الجرائم التي أشار إليها هذا القرار، الذي انحاز ضده لبنان، هم “نفس الأشخاص الذين أغرقوا انتفاضة نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي في الدم وقتلوا ما لا يقل عن 1500 من الشباب الإيراني، وأصابوا 4 آلاف بجروح واعتقلوا 12 ألفاً، وهم نفس الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية بشكل مستمر على مدار العقود الأربعة الماضية، وبخاصة المتورّطين في مجزرة السجناء السياسيين لعام 1988”.