في منناسبة عيد الاستقلال، يطلّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليوجّه كلمة الى اللبنانيين، مساء غد. كل الاحتفالات والعروض العسكرية التقليدية، لن تحصل هذا العام، وقد أتت مصيبة كورونا “شحمة عفطيرة” للسلطة السياسية، لتقرّر الغاءها. فلا شيء يوحي بالاحتفال او يشجّع عليه في بلد منهار على الصعد كافة اقتصاديا وماليا ومعيشيا واجتماعيا وتربويا وصحيا وشرعيا وسياديا.
من هنا، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية” ان كلمة الرئيس عون يفترض ان تكون بحجم المرحلة وتحدياتها. ففيما السفينة اللبنانية تغرق اكثر فأكثر، وتتلاطمها امواج الصراعات السياسية المستمرة رغم العواصف الخطيرة التي تتقاذف المركب الصغير… المطلوب من “الربّان”، طمأنة المبحرين معه، وإسماعهم ما يريدون ان يسمعوا، قبل ان يشمّر عن ساعديه، ويمسك المقود بيديه، مبعدا كل المنظرين والمعرقلين عنه، ليتولى بنفسه، مهمة ايصال المركب الى بر الامان.
الانقاذ يبدأ من تشكيل الحكومة. فالكل يدرك ان لا خلاص سيهبط علينا بالمظلة، تتابع المصادر. المطلوب من رئيس الجمهورية، بيّ الكل، انطلاقا من موقعه كحكم أرفع من الاشتباك الدائر بين اللاعبين على الحلبة، من جهة، وانطلاقا ايضا من صلاحياته وموقعه الدستوريين، ان يضرب على الطاولة، ويضع الجميع عند حدهم. معروف ان التيار الوطني الحر يطالب باعتماد معايير موحدة في التشكيل، مدعوما بقوة من حزب الله وقوى 8 آذار، ومعروف ايضا ان الرئيس المكلف سعد الحريري مصرّ على تسمية الوزراء كلّهم (لا المسيحيين فقط)، وفق ما تقول اوساطه، بينما يرفع الخارج – الاميركي تحديدا – البطاقة الحمراء في وجه اي حكومة سيؤلّفها الحريري، يكون حزب الله مشاركا فيها في العلن او بصورة مموّهة. هذه المعطيات كلّها، تعرقل التشكيل، وأوصلته الى الحائط المسدود.
فهل سيوصّف رئيس الجمهورية غدا، هذا الواقع الذي بات الجميع يعرفه عن ظهر قلب؟ هل سيكرر على مسامعنا ضرورة تواصل الرئيس المكلف مع القوى السياسية كلّها، وسيدعوه مجددا الى توحيد معاييره؟ الاكتفاء بهذه الكلمات لن يفيد بعبدا غدا، وسيزيد اللبنانيين المحبطين احباطا. فهم يريدون ان يسمعوه يقول ان الهاوية التي يقف لبنان عند شفيرها اليوم، كي لا نقول انه انزلق اليها، تتطلب ترفعا من الاطراف كلّهم، -بدءا من اهل البيت- عن المناصب والحقائب، ومقاربةُ غير تقليدية لعملية التشكيل: فلا حلّ اذا لم نضحّ كلّنا. ولا خلاص الا بجلوسنا كلّنا جانبا (ولو لاشهر لا اكثر)، فتؤلَّف حكومة من مستقلين، يرضى الجميع عنهم بالحد الادنى، تنكب سريعا على الاصلاح والانقاذ. وبذلك، نكون تجاوزنا العقبات الداخلية والحسابات الضيقة، كما نكون “التففنا” على الفيتوات الخارجية الاقليمية والدولية.
فهل يفعلها الرئيس عون هذه المرة، ويقدّم هذا المخرج الى اللبنانيين المدمّرين، فيعيد اليهم بعض الامل بأن مشوار الالف ميل نحو الخلاص بدأ، وبأن قطار الانقاذ سيوضع على السكة؟ الرهان كبير على موقف جريء من هذا الطراز، يطلقه الرئيس غدا..