قال رئيس «تيار الكرامة» النائب فيصل كرامي لـ «الأنباء» ان الأسباب التي تعرقل تأليف الحكومة اللبنانية «محلية وإقليمية ودولية، ويبقى العامل الدولي هو الطاغي، فالمسألة لم تعد مسألة تحاصص بين المسؤولين المحليين ولا مسألة ضغوط من قوى إقليمية، بل نحن نشهد سابقة جديدة، حيث تتدخل بعض الدول الكبرى في تأليف الحكومة وتطالب بهذه الحقيبة الوزارية او تلك، المشكلة الحقيقية التي تزداد تفاقما في لبنان وحكومة بعد حكومة أن اللبنانيين لا يملكون تقريبا شيئا من أوراق اللعبة في بلادهم وهذا أمر مؤسف لكنه غير مفاجئ، فأوراق اللعبة ليست في لبنان وليست بين أيدي اللبنانيين».
وعما تبقى من المبادرة الفرنسية أفاد «لا شيء، وشخصيا لا أعرف ما علاقة العناوين الخلافية الحالية وأبرزها وحدة المعايير وطرق تسمية القوى السياسية للوزراء وسوى ذلك، ما علاقة كل هذا بحكومة المهمة التي طرحتها المبادرة الفرنسية بناء على ورقة إصلاحية أول بنودها التدقيق المالي الجنائي؟ بصراحة، ان حكومة المهمة مفترض أن تكون حكومة إصلاحات وإرضاء الجهات المانحة واستجلاب الأموال إلى لبنان ليست مشروطة قطعا بأن تكون حكومة مستقلين أو متخصصين أو محايدين، وبالضرورة لابد أن تكون حكومة شرفاء ومستقيمين وغير مرتكبين بدءا من رئيسها حتى آخر وزير فيها».
وتطرق كرامي الى ما إذا كان التدقيق المالي الجنائي شرطا اساسيا من شروط الإصلاح، مؤكدا على أنه شرط أساسي لإطلاق ورشة الإنقاذ، وإلا فالوداع للبنان وللكيان وللمؤسسات، ولكن صار واضحا أن المنظومة السياسية الأقوى في البلد متحالفة لإفشال هذه الخطوة الأساسية ويريدون تحويلها إلى مجرد تدقيق مالي محاسبي لا يقدم ولا يؤخر، والمضحك هو التذرع بالدستور والقوانين وخصوصا ما يتعلق بالسرية المصرفية للقول بأن التدقيق الجنائي مخالف للقوانين ويحتاج إلى تعديلات دستورية.
إن من يشاهد هذا الواقع المضحك عن بعد قد يعتقد أن لبنان قد أصابه مس من الجنون، ولكن من يتعمق بالحقائق عن كثب ومن يدرك بأن النظام المصرفي في لبنان كله قد انهار ولن تقوم له قائمة بعد اليوم يدرك بأن المنظومة السياسية إياها تتمادى في ممارسة احتيالاتها لمنع انكشاف الحقائق ولعرقلة أي نوع من المحاسبة وبالتالي غياب الإصلاح وغياب الإنقاذ ولا شيء في الأفق سوى الهاوية التي يسير إليها لبنان عاجلا أو آجلا.
وبكل الاحوال، لقد قمنا كلقاء تشاوري بما علينا بهذا الموضوع، وتقدمنا باقتراح قانون معجل مكرر يتضمن تعليق العمل بقانوني السرية المصرفية والنقد والتسليف ويلزم مصرف لبنان بتقديم المعلومات والارقام المطلوبة تحت طائلة العقوبات، بالاضافة الى ابقاء الاسماء مبهمة حتى تثبت تهمة الفساد عليها، ويلزم القانون الشركة المتعاقدة بالتزام السرية تحت طائلة العقوبات ايضا، ونعمل حاليا على تسويق هذا الاقتراح على الكتل والزملاء بانتظار اقرب جلسة عامة للهيئة العامة.
أما بشأن زياراته المتكررة إلى تركيا، قال كرامي «ببساطة، لقد ذهبت إلى تركيا أولا وقبل أي شيء آخر من أجل طرابلس التي تعاني من الإهمال والغبن على كل المستويات، ولم يكن من الطبيعي ان أرى أهلها يتخبطون في معاناة قاسية دون أن أتحرك، ولو تطلب الأمر أن أذهب إلى كل الدول الصديقة والشقيقة وليس إلى تركيا فقط».
ورد على من يرون بانفتاحه عليها تناقضا مع انخراطه في محور المقاومة، قائلا «أتمنى أن يدلني أصحاب هذه المقولة على عناصر التناقض التي يفترضونها، علما أن لقاءاتي في تركيا انحصرت في الجوانب الاجتماعية والتربوية والإغاثية، وحتى حين تطرقت المحادثات مع المسؤولين الأتراك إلى القضية الفلسطينية، فالواقع أنني لمست وبقوة الموقع المهم لهذه القضية لديهم، خصوصا كل ما يتعلق بالقدس الشريف، ولا بأس أن أقول مذكرا الجميع أن فيصل كرامي، أبا عن جد، هو من قلائل في لبنان لم تؤثر فيهم كل عوامل الترهيب والترغيب فيما يتصل بالمبادئ والقناعات بغض النظر عن المصالح السياسية او الانتخابية الظرفية الضيقة. أنا ثابت في موقعي ولست بحاجة لتقديم أدلة على ذلك، فتاريخي وحاضري ماثلان أمام الجميع، وبالتالي فإن افتراض التناقض هو محض افتراض وفق المقاييس اللبنانية».