كتبت نسرين مرعب في “أساس ميديا”:
“الكورونا يفتك بعائلة في الضنية”، خبرٌ مؤسف استفاق عليه الجسم الطبي اللبناني، وأهل الشمال، بعدما ذاع صباح أمس خبر وفاة المؤهل في المباحث الجنائية شادي عبد الجليل الصمد، ليكون بذلك الشخص الخامس من عائلته الذي يرحل متأثراً بمضاعفات إصابته بكوفيد-19، بعد وفاة والده ووالدته، وشقيقيه. فيما تصارع شقيقته في مستشفى هيكل.
عائلة الصمد ليست الأولى التي يفتك الفيروس بها دون رحمة، وعدّاد الوفيات يقترب من 20 وفاة يومياً.
إذاً الكورونا لم يعد مزحة بالنسبة إلى اللبنانيين، ومرحلة الاطمئنان التي كان ينعم فيها لبنان تحت عنوان “مناعتنا قوية”، باتت خلفنا. فالكورونا تقتل، وتقتل عائلة كاملة، دون أنّ يميّز الفيروس بين طفل وكهل وشاب.
في بحث علمي أجراه باحثون في جامعة “كينغز كوليدج” في لندن، ونشرته صحيفة “تليغراف” البريطانية، فإنّ “التركيب الجيني ربما يؤثر في فرص إصابة الشخص بالفيروس في المقام الأول”.
رئيس القسم العناية الفائقة في مستشفى رفيق الحريري الدكتور محمود حسون يكشف عن دراسة أجريت في مستشفى رفيق الحريري بالتعاون مع دول أخرى، هدفها دراسة جينات الأشخاص الذين يتوفّون بفيرونس كورونا في لبنان، وخصوصاً صغار العمر، والأشخاص الذين يتوفّون ضمن عائلة واحدة على الرغم من تفاوت أعمارهم: “هناك حالة جينية قد تكون مشتركة لدى عائلة، وليست موجودة في عائلة أخرى. عادة هناك خطوط دفاع للجهاز المناعي. كشفت دراسة جديدة عن “جين” مشترك بين الوفيات العائلية، وكلّ الأشخاص الذين لديهم هذا الجين إما توفّوا بالفيروس أو يعانون من وضع صحيّ صعب”.
حسون يدعو إلى عدم إجراء مقارنة بين القدرة المناعية على مقاومة الجسم فيروسات أخرى، مثل الإنفلونزا والـ”H1N1″: “لا يمكن المقارنة بين الفيروسات. وكذلك، فإنّ التاريخ الصحّي للمريض ليس مقياساً”. ويتابع: “مشكلتنا أننا نركز على الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة وأمراض الضغط والسكري. لكن هناك بعض المرضى لا يعانون من هذه الأمراض، ويعتقدون أن لا مشاكل صحيّة لديهم بسبب عدم الاهتمام وعدم قيامهم بالفحوصات البديهية بشكل دوري. فعلى سبيل المثال، هناك مريض توفى بالكورونا وعمره 30 عاماً، تبيّن لاحقاً أنّه يعاني من بروتينات في البول. كذلك لدينا أشخاص يعانون من “ميتابوليك سندروم”. ففيروس الكورونا يضاعف حتّى المشاكل الصحية التي يعاني منها المريض”.
لا يخفي الدكتور حسون قلقه من انتشار المزيد من حالات الوفاة العائلية معلّقاً: “كلما انتشر الفيروس، نتفاجأ بأمور جديدة. في بداية الانتشار، لم نكن نلحظ التجلّطات. منذ شهور، بدأنا نرى تجلّطات في الرأس والقلب والرئتين وحتّى القدمين”.
إلى ذلك لا يراهن الدكتور على نتائج مبشرّة للإقفال العام، وذلك بسبب عدم الوعي المنتشر بين المواطنين: “تجربة السويد كانت من أنجح التجارب من حيث وعي المواطنين، المسؤولون في القطاع الصحي هناك وضعوا توصيات، بالتباعد والتعقيم وارتداء الكمامة، والمواطن التزم، ما استدعى عدم إغلاق البلد”.
ويختم حسّون كلامه داعياً المستشفيات الخاصة للبدء فوراً باستقبال مرضى الكورونا ولو بنسبة 10%: “القطاع الصحي الخاص عليه أن يقوم بواجباته، ولا يتحجّجوا بأن ليس لديهم معدات، بعد انفجار 4 آب وصلت الكثير من المعدات إلى جميع المستشفيات بشكل كبير”.
إذاً، الكورونا “ليست لعبة”، والكورونا تقتل، وتقتل عائلة بأكملها.. أما الوقاية فلم تعد ترفاً بل هي ضرورة كي لا نكون سبباً في خسارة حياتنا وحياة عائلاتنا.