مع اقتراب نهاية العام، بات موعد عدم قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في دعم المواد الأساسية على وشك الحلول، في حين أن قرارات ترشيد هذا الدعم قيد الدرس. وفعلاً كانت البداية مع إصدار وزارة الاقتصاد والتجارة اللائحة الجديدة للسلع المدعومة ضمن السلة الغذائية، والتي دخل العمل على أساسها يومه الرابع، حيث تم خفض عدد السلع بنسبة تتراوح ما بين 55 الى 60 %، أي من 210 ملايين دولار الى أقل من 100 مليون دولار.
مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر كان طمأن أن “الوزارة حاولت عدم المسّ بالأمن الغذائي. لذا، من الملاحظ انّ اللحوم والاسماك لا تزال مدعومة، الحليب، الزبدة، المعكرونة، الارز، السكر، العدس، الفول والحمص…”.
ومن السلع التي شطبت من اللائحة الجديدة يمكن تعداد: السردين المعلّب، السمنة، البصل الطازج، البهارات والمطيبات، الحليب المكثّف المحلّى، القشطة المعلبة، الفاكهة المجففة، المكسّرات، الحليب البودرة الخالي الدسم، الخردل، شفرات الحلاقة، البن غير المحمّص، القهوة الحب… وغيرها عدد كبير من المواد الأولية للصناعات.
وفي المقابل، أضيفت سبعة أصناف جديدة على اللائحة: لحم بقر مستورد مجلّد (فيليه وانتركوت) بسعر أقصى 40000 ل.ل./ كلغ قابل للتعديل، فوط وواقيات صحية، حفاضات الأطفال وأصناف مماثلة للوقاية الصحية من أي مادة، بوتاسيوم فوسفات، بوتاسيوم نيترات، بذور بقوليات قرنية، كسبة الصويا، styrene/acrylates copolymer (and) coco – glucoside.
نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي، علّق على القرار عبر “المركزية”، قائلاً “في الواقع، الأصناف التي شملتها اللائحة الجديدة لم يكن الضغط عليها كبيرا في الأساس، وأغلبها مواد أولية. بالتالي، الأصناف الأساسية التي تعني المستهلك مباشرةً لا تزال مدعومة ولو كان للسلع التي خفّض دعمها تأثير لكنّا شهدنا ردّة فعل رافضة”، مؤكداً أن “قبل رفع الدعم، تأكّدت وزارة الاقتصاد من تَقارب حجم استيراد السلع مع السنوات السابقة، ما يعني انه يفترض بالكميات المدعومة ان تغذّي السوق لفترة”.
دعم الدواء… في المقابل، تبحث لجنة متخصصة في السراي الحكومي ملف ترشيد دعم الدواء التي تبلغ فاتورة استيراده مليارا و740 مليون دولار سنوياً. واللجنة مؤلفة من القطاعات العاملة في الدواء ووزارة الصحة ورئاسة مجلس الوزراء ومصرف لبنان، و”من المفترض أن ينتج عن المحادثات تقرير بعد أسبوع على أقصى حدّ يشمل الآلية التي سيتم اعتمادها”، وفق ما كشفه نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة لـ “المركزية”.
وفي حين يتم التداول بآليات الترشيد الممكن اعتمادها، بحيث يكون دعم الدواء على أساس سعر صرف 3900 ليرة، أو اعتماد دعم جزء محدد فقط من الدواء، تحفّظ جبارة عن ذكر الاقتراحات المتداولة في اللجنة، معتبراً أن “النقابة لا تنصح باللائحة المحددة لدعم الاستيراد والتي تسمّى essential list الموضوعة من قبل منظمة الصمة العالمية للأنظمة الصحية المتدنية حول العالم، بهدف تحسن أوضاعها وتأمين الحاجة الأدنى من متطلبات شعوب الدول المعنية. لكن، في لبنان الواقع مختلف والنظام الصحي متقدّم جدّاً، ما يعني أن اعتماد اللائحة هذه سيؤدي إلى تراجع المستوى الطبي. إلى ذلك، تفتقد اللائحة إلى عدد كبير من الأدوية الأساسية وليس حصراً المتطوّرة جدّاً بل أيضاً القديمة والمفيدة، بالتالي مئات الآلاف من المرضى سيضطرون إلى تبديل علاجاتهم في حال اعتماد القرار، وهذا الأمر سيشكل عبئاً على القطاع الصحي المرهق لأن من المتوقّع ألا يتحمّل عدد منهم تبديل علاجه”.
أما إذا أراد لبنان تشكيل لائحة خاصة، فلفت جبارة إلى أن “النقاش حينها لن ينتهي قبل عام ، على غرار ما يحصل في مختلف المواضيع محلّياً بسبب الآراء المتباينة وصعوبة الاتفاق على القاسم المشترك”، مضيفاً “اعتماد لائحة بشكل عام ليس المسلك الأنسب لترشيد الدعم”.
وعن الحلّ الممكن، أوضح أنه “يمكن تطبيق إجراءات تخفف من استهلاك الدواء (ترشيد الاستخدام، تفادياً للاستهلاك الفائض)، أو تخفّض من سعر الدواء”، مردفاً “العديد من الأفكار تناقش في اللجنة ولست مخوّلا كشفها قبل صدور التقرير النهائي، إلا أنه تم إعداد حوالي 6 خطط عمل واضحة بكل التفاصيل والتداعيات. وسيتم تطبيق مجموعة من الأفكار بالتوازي ولكل واحدة تأثير معيّن وتصب كلّها في الهدف النهائي وهو ترشيد الدعم من دون ضرب القطاع الصحي”.