كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
لا يزال العقل المدبّر لفرار عشرات الموقوفين، من بينهم خطرون، من نظارة عدل بعبدا متوارياً. وفيما يجري التحقيق مع العناصر المكلفين حفظ الأمن، لم يثبت بعد وجود تواطؤ، فيما المؤكد أن هناك إهمالاً وظيفياً، ناهيك بإهمال القضاة لواجباتهم، ما أدى إلى تحوّل النظارات إلى سجون تكتظ بعشرات الموقوفين
عملية «الهروب الكبير» من نظارة قصر عدل بعبدا التابعة لوحدة الدرك الإقليمي، السبت الماضي، شغلت اللبنانيين وحبست عشرات الآلاف ممن كانوا في طريقهم لقضاء إجازة نهاية الأسبوع خارج بيروت في سياراتهم، ساعات طويلة، بسبب الإجراءات الأمنية المشدّدة بحثاً عن الفارين. القوى الأمنية تشتبه في أنّ الموقوف الفارّ جهاد م. هو العقل المدبّر والمخطّط للعملية التي فرّ فيها ٦٩ من أصل ١٢٨ موقوفاً. وبحسب المعلومات، فإن الرجل المطلوب بأكثر من مئة مذكرة توقيف بجرائم ترويج المخدرات والاتجار بها، التجأ إلى مخيم برج البراجنة حيث كان ينشط في ترويج المخدرات.
وقد تمكنت القوى الأمنية من توقيف ٣٣ من الفارّين، فيما قضى خمسة منهم بعد اصطدام سيارة استولوا عليهم أثناء فرارهم. وكشفت المصادر أنّ شرطة بلدية الحدت أوقفت سبعة فارّين سلّمتهم إلى جهاز أمن الدولة واستخبارات الجيش. ولا يزال البحث جارياً عن ٣١ سجيناً. وعلمت «الأخبار» أنّ من بين الخطرين الذين تمكنوا من الهروب الموقوف غزوان ز.، «صاحب اليدين الذهبيتين»، وهو أحد أشهر لصوص السيارات في لبنان. إذ تستعين عصابات السرقة به لفتح أي سيارة، ويتردّد أنه تمكن في يوم واحد من سرقة ٢٣ سيارة من أحد المعارض. كما أن بين الفارين مطلوبين بجرائم جنائية، من بينها القتل العمد.
كذلك، علمت «الأخبار» أن فرع المعلومات يحقق مع خمسة عناصر أمن ورئيس المخفر المؤهل طوني م. والضابط المشرف على النظارة النقيب بول م. لتحديد ما إذا كان هناك تواطؤ أدى إلى تسهيل فرار السجناء. ورغم أنّ الرواية التي انتشرت تتحدث عن استغلال الموقوفين لتوقيت فتح النظارة لإخراج النفايات، للانقضاض على الحرّاس وانتزاع المفاتيح لفتح الأبواب المقفلة، بعد تشطيب عسكريين وعامل نظافة من التابعية البنغلادشية، إلا أنّ كاميرات المراقبة أظهرت أحد السجناء يحاول فتح زنزانة من الداخل، بمفتاح أو بآلة حديدية لم يُعرف كيفية حصوله عليها. وقد تمكن المحققون من تحديد هويته، لكنه لا يزال في عداد الفارّين. مصادر التحقيق تؤكد أنه لم يثبت حتى الآن وجود تواطؤ. إلا أنّ الثابت أن هناك إهمالاً كبيراً من العناصر المولجين بالحماية، وأن المسؤولية تقع على قيادة وحدة الدرك الإقليمي.
إذ لا يُعقل أن يُسجن فيه ١٢٨ موقوفاً، من بينهم متّهمون بجرائم جنائية، في نظارة يحرسها خمسة عناصر فقط! كما أنّ المدخل الشرقي لقصر العدل حيث يقع باب النظارة لا توجد عليه حراسة. إذ إنّ دوام الحراسة المحدد يبدأ من الثامنة صباحاً وينتهي عند الخامسة بعد الظهر!
وهنا تحضر إلى الواجهة قضية النقص في عديد قوى الأمن الداخلي والاكتظاظ الذي تُعاني منه النظارات. إذ إنّ القانون يفرض أن يكون مقابلَ كل سجين عنصران أمنيان عند نقله. أما نظارات التوقيف فلا يجوز أن تُحوّل إلى سجون يمكث فيها الموقوف أكثر من يومين أو ثلاثة، فيما الواقع الراهن يُبيّن أنّ هناك موقوفين موجودين في النظارة منذ عدة أشهر. وهذه المسؤولية يتحمّلها القضاة الذين يتلكّأون في المحاكمات.