أكد مقرّبون من القصر الجمهوري لـ”الجمهورية”، أنّ “رئيس الجمهورية كان وما زال متعاونًا الى أقصى الحدود مع الرئيس المكلّف في ملف تشكيل الحكومة، ولن يقبل بمعايير انتقائية او استنسابية تحكم على تأليف الحكومة بالفشل المُسبق. وهو يعتبر انّ هذا الهدف يتحقق فقط عبر اعتماد معايير موضوعية موحّدة، ولن يرضخ لأيّ ضغط، او لأيّ محاولة إلزامه بتشكيلة حكومية تتجاوز دوره وشراكته في التأليف. وبالتالي، إنّ موقفه الحازم والنهائي هو شديد الوضوح بأنه لن يوقّع أي مسودة حكومية لا تراعي الموضوعية والمعايير الموحدة”.
أكد مرجع سياسي لـ”الجمهورية” أنّ “تأخير تأليف الحكومة مردّه الى أنّ بعض المعنيين بهذا الملف تجاوزوا المبادرة الفرنسية، وربطوا التأليف بالعامل الخارجي، وحَشروه في ما قد يحصل من تطورات، سواء على مستوى المنطقة او على مستوى انتقال السلطة في الولايات المتحدة الاميركية، رهاناً منهم على ظروف قد تنشأ، وترجّح كفّة مكاسبهم في الحكومة الجديدة”.
وأضاف: “انّ الفرصة ما زالت متاحة لتشكيل حكومة بالتوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف، وهذه الحكومة تشكل مصلحة كبرى للبلد، لأنّ وظيفتها هي وَضعه على سكة الانقاذ، وهي في الوقت نفسه مصلحة لرئيس الجمهورية باعتبار انها قد تكون الاخيرة في عهده، ويمكن له من خلالها ان يعوّض عن السَقطات المتتالية التي شهدها العهد منذ انطلاقته وحتى اليوم. كذلك، هي مصلحة للرئيس الحريري قد تمكّنه من استعادة وهج سياسي مفقود، ولكن إنْ ضاعت هذه الفرصة فقد لا يعود في الإمكان تأليف حكومة ربما من الآن وحتى نهاية عهد الرئيس ميشال عون. ونتيجة ذلك، سيبقى العهد “أعرج”، وسيبقى الرئيس المكلّف في حال اللّامعلّق واللّامطلّق”.
كشفت مصادر معنية بملف التأليف لـ»الجمهورية»، عن أنّه “منذ اللقاء الأخير بين الرئيسين عون والحريري لم تبرز أيّ إشارة الى ليونة في المواقف، فرئيس الجمهورية مُصرّ على موقعه ودوره كشريك في عملية التأليف، رافضاً تجاوز هذا الدور من قبل الرئيس المكلف، وبالتالي هو له كلمته ورأيه، ليس فقط في تسمية الوزراء المسيحيين، بل بسائر الوزراء. ومن هنا يأتي إصراره على تسمية غالبيّة الوزراء المسيحيّين (7 وزراء، يشكّلون «الثلث المعطّل» في الحكومة، ومن ضمنهم وزير الطاقة الذي يصرّ عون على إبقاء هذه الوزارة مع فريقه السياسي على غرار تثبيت وزارة المالية من ضمن الحصة الشيعية).
تؤكد المصادر أنّ الهوة واسعة بين الطرفين، وأجواءهما تعكس تصلّباً، وبالتالي ليس ما يؤشّر الى رغبة الطرفين في تضييق هذه الهوة، بل على العكس، كلّ منهما يلقي كرة التراجع في ملعب الآخر، ولكن لا رئيس الجمهورية في وارد التراجع، ولا الرئيس المكلّف في وارد ان يعدّل المعيار الذي وضعه لتأليف حكومة اختصاصيّين من غير الحزبيّين يسمّي وزراءها، مُتسلحاً بتجاوب مختلف الاطراف مع توجّهه هذا، ما عدا رئيس الجمهورية وفريقه السياسي.
لقاء جديد… و”مسودة حكومية” قريبًا؟
تتحدّث معلومات عن احتمال عقد لقاء جديد بين عون والحريري خلال هذا الأسبوع، إلّا أنّ مصادر سياسية مواكبة للقاءات الرئيسين، وفي ظل التباعد في طروحات رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، تستبعد بلوغ اللقاء، إذا حصل، نتائج نوعيّة تضع الحكومة على سكة الولادة، علماً انّ بعض المقرّبين من الحريري لا يستبعدون أن يبادر الحريري الى ان يسلّم رئيس الجمهورية «مسودة حكومية»، ربما خلال هذا الاسبوع.