IMLebanon

سلاح “اللادولة” إلى متى؟

“نعم الخبر صحيح”. من الصعب على اللبنانيين، لاسيما منهم أهالي ضحايا الجرائم المتأتية من السلاح المتفلت، نسيان هذا الجواب الشهير الذي قدّمه وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق عن سؤال رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميل عن إطلاق سراح بعض مرتكبي هذا النوع من الجرائم بفعل التدخلات السياسية في القضاء، ذلك أن أكثر من ثلاث سنوات مرت على هذه المحادثة التويترية بين الرجلين. لكن المشكلة لا تزال على حالها، بل إنها تفاقمت على وقع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فيما الدولة وأركانها يصبون اهتماماتهم على أمور أخرى كالتحاصص الوزاري المقيت.

ولا تفوت مصادر مراقبة التذكير، عبر “المركزية”، بأن إهمال الدولة واستهتارها بحياة الناس بلغ مستويات مرعبة وغير مقبولة، لم يكن أدل إليها سوى الجريمة الشنيعة التي هزت بشري أمس، حيث أدى خلاف بين أحد أبناء البلدة من آل طوق والناطور السوري الذي يعمل على مقربة من قطعة أرض يملكها الأول، إلى جريمة قتل أودت بالمواطن اللبناني. وأبعد من أسباب الخلاف بين الطرفين، فإن مجرد وقوع الجريمة في منطقة كانت تعد آمنة يعني أن هناك من لا يأبه لخطورة حمل السلاح المنتشر كالفطر بين أيدي المواطنين، كما النازحين السوريين في غياب أي إجراءات رادعة من الجهات الرسمية، التي صمت أذنيها عن أصوات المعارك الليلية في شكل يومي في حي الشراونة في بعلبك، على رغم ترهيب الأهالي الآمنين، ولا من يسأل.

ونبهت المصادر إلى أن الخطر الذي يحمله هذا الملف بين طياته أنه يحمل رسالة مفادها بأن هناك هيبة دولة بـ”سمنة” وأخرى بـ”زيت”، مذكرةً بأن الرقابة المتشددة على التزام قرارات التعبئة العامة، على أهميتها، لا يجوز أن تبرر أي تقصير رسمي في حماية أمن الناس وحياتهم التي لا يمكن أن تكون فريسة سهلة لأصحاب هوايات التلاعب بالإنسان. ولفتت المصادر إلى أن إذا كان أحد لا يتوقع من الدولة، في الظروف الراهنة، أن تبادر إلى خطوة جريئة من نوع وضع حد لسلاح المقاومة، فإن أقل الإيمان يكمن في ضبط السلاح المتفلت الذي لا يحتاج إلى قرار دولي، ولا حتى إلى توافق محلي، لأن أحدا لا يمكن أن يجد مبررات منطقية للتساهل مع انتشار المجرمين بين الناس. وأشارت في السياق إلى أن جريمة بشري هي الضربة الثانية لهيبة الدولة في غضون يومين، على اعتبار أنها أتت غداة فرار 69 سجينا من مخفر بعبدا، “على عينك يا قوى أمن، ويا دولة”، ما يطرح أسئلة كبيرة حول هوية أصحاب الأجندات الخطرة الذين قد يجدون لأنفسهم مصلحة في نشر الذعر في المجتمع اللبناني، تحت ستار الجوع والفقر والأوضاع الاجتماعية الآخذة في التفاقم…

ومن زاوية أخرى لا تقل أهمية، حتى لا نقول خطرا، اعتبرت المصادر أن جريمة بشري تضع على بساط البحث مجددا إشكالية وجود النازحين السوريين، وارتكابهم الجرائم، مع العلم بأن ما حصل في بشري ليس الأول من نوعه. ذلك أن شخصا من التابعية السورية أقدم على قتل شابة من زغرتا قبل نحو عامين. ونبهت إلى أن الأمور باتت تتجاوز الأوضاع الاجتماعية الصعبة التي يعيشها السوريون في لبنان، إلى ضرورة معرفة أسباب تفشي السلاح المتفلت من أي رقابة رسمية في أوساط اللاجئين، الذين بات اللبنانيون يشاركونهم البحث عن الأمن والأمان، في وطن لا يعرف كيف يحفظ سلامة القاطنين على أراضيه للأسباب السياسية المعروفة، ولا يجيد إلا البحث عن المبررات لتقصيره الفادح… إلى متى؟