كتب عبد القادر سعد في صحيفة “الأخبار”:
يخوض منتخب لبنان لكرة السلة اليوم تمرينه الأخير في البحرين قبل لقاء منتخب الهند غداً الجمعة ضمن النافذة الثانية لتصفيات كأس آسيا التي ستقام العام المقبل.
أمس استفاق الوسط السلوي على تسجيل للاعب منتخب لبنان علي حيدر نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي ليلاً، يهاجم فيه رئيس الاتحاد اللبناني لكرة السلة أكرم الحلبي، معلناً اعتزاله اللعب مع المنتخب في حال بقاء الحلبي على رأس الاتحاد في الانتخابات المقبلة. تحدّى حيدر الإعلام الرياضي أن يقوم بإجراء مقابلة معه للحديث عما تعيشه اللعبة من أزمات، ووصل به الأمر الى الهجوم على الإعلام الرياضي متهماً إياه بتقاضي أموال مقابل عدم الحديث عما يجري.
بدا حديث حيدر مفاجئاً في مضمونه وتوقيته ومكانه. فحيدر موجود مع منتخب لبنان قبل 72 ساعة على اللقاء المهم لمنتخب لبنان في التصفيات الآسيوية. توقّع كثيرون أن حدثاً جرى في البحرين دفع بحيدر إلى الظهور وإطلاق التهم. تبيّن لاحقاً أن الأمور تسير على خير ما يرام، ففي اتصال لـ”الأخبار” مع رئيس البعثة وعضو اللجنة الإدارية غازي بستاني، أكّد الأخير أن الأجواء إيجابية ولم يحصل أي حادثة تذكر تدفع حيدر إلى القيام بما قام به. “التمارين مستمرة بشكل جيد وعلى درجة عالية من الانضباط والجدية والتركيز. أمس تدرب المنتخب صباحاً، ثم كان هناك تمرين مسائي في قاعة الحديد، وهناك إصرار من اللاعبين على تحقيق نتيجة إيجابية أمام الهند غداً، وأمام العراق يوم الأحد المقبل. يرفض الجميع هنا الحديث عن التسجيل الذي قام به اللاعب حيدر، فالكل يريد التركيز على مباراة الغد” يقول بستاني في اتصال هاتفي معه.
حيدر الذي تحدى الإعلام وتعرّض له في تسجيله، غاب عن السمع حيث حاولت “الأخبار” التواصل معه والاستفسار منه عن حيثيات الموضوع، فكان هناك تبادل للرسائل صباحاً حيث وعد حيدر من خلال رسالة نصية بالاتصال لكنه غاب عن السمع. اتصلت به “الأخبار” مساء، إلا أن اللاعب لم يجب.
ظهر كأن حيدر تسرّع في تسجيله، وخصوصاً أن الأمور في ما يتعلّق بالمنتخب تسير بشكل جيد. فقد أشار رئيس البعثة غازي بستاني الى أن الاتحاد اللبناني أمّن للمنتخب جميع مستلزمات المعسكر، وبالتالي ليس هناك ما يبرر ما قام به اللاعب حيدر.
إذاً، ما هي الأسباب التي تكمن وراء كلام حيدر المفاجئ في مضمونه وتوقيته؟
علمت “الأخبار” أن حيدر يحمّل الاتحاد اللبناني مسؤولية عدم إقامة البطولة المحلية، وبالتالي حرم اللاعبين من مصدر رزقهم. وهو لطالما رفع الصوت بضرورة إطلاق البطولة وعودة الحياة الى الملاعب السلوية.
أمرٌ يراه مصدر سلوي بارز مطلباً محقاً. لكن من يُسأل عنه بالدرجة الأولى هي الأندية قبل الاتحاد. فالأخير حدد ثلاثة مواعيد لإطلاق البطولة، لكن الأندية لم تبد حماسة أو تطلق تمارينها باستثناء نادٍ أو اثنين كنادي أطلس مثلاً. وهنا يسأل المصدر السلّوي “لماذا لا يوجّه اللاعب حيدر اللوم للأندية، وتحديداً لناديه الشانفيل ويسأله عن سبب عدم إطلاق التمارين وتجميع اللاعبين بعد تحديد ثلاثة مواعيد لإطلاق البطولة؟”.
سبب آخر قد يكون وراء تصريحات حيدر يتعلّق بوصول كلام له عن لسان رئيس الاتحاد أكرم الحلبي يتضمن إساءة لحيدر وحديث عن “جلبه” بالقوة الى المنتخب. كلام جاء مخالفاً لكلام لرئيس البعثة غازي بستاني الذي قال إن حيدر لم يبد تمنّعاً عن الالتحاق بالمنتخب لدى استدعائه، وبالتالي لا يوجد مبرر لصدور كلام مماثل عن الحلبي. “حتى إن الاتحاد ولجنة المنتخبات والجهاز الفني للمنتخب كانت متفهمة لظروف اللاعبين خلال فترة الاستعداد على صعيد ارتباطاتهم العملية. فهناك لاعبون غابوا بعض المرات عن التمارين لظروف خاصة تتعلق بعملهم، ولم يكن هناك أي مشكلة. أكثر من ذلك هناك أكثر من لاعب اعتذر عن عدم الالتحاق بالمنتخب للأسباب ذاتها كإيلي شمعون وجيرارد حديديان ولم يصدر الاتحاد أي قرار بحقهم” يقول بستاني لـ”الأخبار”.
حتى اللاعب حيدر تحديداً كان هناك مرونة في التعامل معه ومع ظروفه حيث غاب أكثر من مرة عن التمارين، وآخرها تمرين يوم السبت قبل السفر الأحد الماضي والذي جرى إقراره عاجلاً بعد وصول اللاعب كريم عز الدين والتحاقه بالبعثة. فالمدير الفني للمنتخب جو مجاعص فضّل إقامة تمرين من خارج البرنامج بحضور عز الدين لمزيد من التأقلم مع اللاعبين.
وعليه، فلا تبدو رواية الكلام المنقول عن لسان الحلبي بحق حيدر منطقية بحسب البعض، وحتى لو كانت صحيحة، كان بإمكان حيدر الاتصال بالحلبي والاستفسار منه بدلاً من تبني القصة والبناء عليها بحسب ما يؤكد بعض المتابعين.
محاولة البحث عن سبب آخر وراء كلام اللاعب ودعم بعض اللاعبين له على مواقع التواصل الاجتماعي. هل كان هناك تقصير على صعيد الميزانية او تفاصيل الرحلة الى البحرين؟
يأتي الجواب من مصادر متابعة بأن الاتحاد أمّن جميع المستلزمات المادية بالدولار ونقداً، رغم الأزمة الاقتصادية. فمشاركة المنتخب في البحرين كلّفت ما يزيد على أربعين ألف دولار (17 ألفاً بدل تأشيرات دخول وإقامة في الفندق ومصاريف تنقلات في البحرين. 20 ألف دولار بدل تذاكر سفر بمعدل 970 دولاراً للبطاقة الواحدة. 5 آلاف دولار للاعب المجنس أتير ماجوك. 2500 دولار كمصاريف طارئة في يد رئيس البعثة)، إضافة الى 300 دولار لكل لاعب كبدل سفر، وجرى تأمين هذا المبلغ من قبل شركة الملابس الراعية (6 آلاف دولار) وبعض الأموال الموجودة في حساب الاتحاد في المصرف (4 آلاف) ومصاريف إضافية تكفل بها رئيس الاتحاد.
وبعد الكلام عن تململ اللاعبين من طول الانتظار في مطار دبي (8 ساعات) حيث كانت المحطة بين لبنان والبحرين لعدم وجود خط مباشر، أشار بستاني الى أن خط الرحلة الى البحرين كان أفضل المتاح وبكلفة عالية بلغت ألف دولار تقريباً للتذكرة الواحدة، وخصوصاً أن الاتحاد الدولي ألزم البعثة اللبنانية بالوصول قبل ثلاثة أيام من المباراة، “وبالتالي لم يكن هناك سوى خيار دبي أو مصر، لكن حينها كان الانتظار سيكون 25 ساعة” يقول بستاني توضيحاً لمسألة الرحلة.
إذاً، هل هناك سبب آخر وراء تصريحات حيدر؟
مصدر سلّوي مراقب يربط بين الانتخابات المقبلة وما يحصل حالياً من تصريحات وردود وتفاعل من قبل العديد من الأطراف المعنية بالاستحقاق. “فهناك من يستغل المنتخب لأسباب انتخابية بهدف تشويه صورة الاتحاد أمام الأندية والرأي العام في ظل تحويل المعركة من رياضية الى سياسية، وهو أمر خطير على صعيد الفيبا يجب التنبه له” يقول المصدر السلّوي لـ”الأخبار”.
أما على صعيد الاتحاد، فتقول مصادر مقربة منه إن هناك قراراً من الاتحاد بعدم الرد، “فالأولوية هي للمنتخب بهدف تحقيق نتائج إيجابية بدليل أن اللجنة الإدارية لم تردّ على كلام اللاعب حيدر ولم تتخذ أي قرار بحقه”، يختم المصدر المقرّب من الاتحاد كلامه لـ”الأخبار”.