Site icon IMLebanon

الحريري ينتظر بوليصة تأمين مزدوجة لتشكيل الحكومة

في موقع لا يُحسد عليه، وضع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري نفسه أو وُضع فيه. بعيد اعتذار السفير مصطفى اديب ثم تكليفه المهمة الشاقة بعد اعتراض على شخصه لم يخفه العهد وفريقه السياسي، راهن على ان “كأس السم” الذي تجرعه بالتنازل عن حقيبة المال لمصلحة الفريق الشيعي، لمرة واحدة، من شأنه ان يطلق يده حكوميا ويحرر التشكيلة التي “كعّت” اديب، لينطلق في اولى خطوات المبادرة الفرنسية الانقاذية، وقد فاته ان “كأس السم” هذا سيرفع في وجهه المتراس الاعلى من حليف الحزب الشيعي، التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون الذي يرفض ان تُمنح امتيازات لغيره تحجب عنه بحيث يسمي الاخرون وزراءهم، فيما يُترك الفتات للفريق الرئاسي المُطالب بتشكيلة كاملة تتضمن الحقائب والاسماء بمن فيهم وزراء الثنائي الشيعي، وهذا حقه.

بغض النظر عما اذا كان ما يجري يندرج في اطار توزيع ادوار “تعطيلية” بين من لا يناسبهم تشكيل الحكومة قبل اتضاح المشهد الدولي الاقليمي وتحديدا مع تسلم الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم لتبيان توجهاته السياسية، رُفع في وجه الحريري على جبهة التشكيل متراس خارجي اميركي- سعودي تمثل ببلوغ واشنطن مستوى عقوباتها الصف السياسي الاول المتعاون مع “حزب الله” وتوجيه السهم نحو صهر رئيس الجمهورية ورئيس التيار الذي اوصله الى بعبد، النائب جبران باسيل من جهة، وبالانكفاء الخليجي عموما والسعودي خصوصا عن لبنان والشروع في موجة اجراءات قاسية لن يكون آخرها حجب تأشيرات الدخول عن اللبنانيين الى الامارات العربية المتحدة و”الحبل عالجرار” بحسب التوقعات من الجهة المقابلة، بما يعني هذا المتراس من حجب للمساعدات المالية المفترض ان تشكل الرئة والمتنفس لمشروع انقاذ لبنان من ضمن المبادرة الفرنسية.

في هذا الموقع يقبع الحريري متطلعا الى بوليصة تأمين مزدوجة تفتح المعبر الحكومي، غير مهيأة ظروفها حتى الساعة، في حين لا يضع في قاموسه السياسي مجرد التفكير بالاعتذار بحسب ما يرشح من معلومات من بيت الوسط، وهو ربما على حق، ما دام حتى الساعة الحصان الاول في السباق الحكومي وقادر على اجراء عملية الانقاذ الجراحية للبنان لجملة اعتبارات. غير ان اوساطا سياسية مراقبة تقول لـ”المركزية” انه اليوم عالق بين رفض الاعتذار والعجز عن التشكيل. فإن لبى شروط الداخل بتقديم المزيد من التنازلات للرئيس عون سيشكل حكومة تشبه المُصَرِفة للاعمال راهنا، مرفوضة اميركيا وسعوديا وسنيا من الداخل فلا يستقيم الميزان المالي وتحجب المساعدات وقد تطالها العقوبات، وان بقي متصلبا برفض التنازلات لن يحظى بالتوقيع الرئاسي.

بين بعبدا وحارة حريك وبين واشنطن والرياض، سيبقى لبنان من دون حكومة. الرئيس الحريري يدرس خياراته، تقول اوساطه لـ”المركزية”، لكن الاوساط المراقبة تعرب عن اعتقادها بأنه ليس في وارد المجاذفة بحكومة يصطدم فيها بالمعادلة المشار اليها. وقبل دخول بايدن البيت الابيض في 20 كانون الثاني 2021 علّ ليونة الرئيس الديموقراطي وعلاقته الجيدة بنظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون توفر الغطاء الاميركي لحكومة الحد الادنى الانقاذية، لن يحظى بلبنان بنعمة حكومية.