كتب شربل كريّم في صحيفة “الأخبار”:
بعد عودة منتخب لبنان لكرة القدم إلى الساحة الدولية، ها هو منتخب كرة السلة يعود أيضاً بعد غيابٍ طويل، حاملاً مشاكل عامة وأخرى خاصة معقّدة، وطبعاً مهمة وطنية من خلال «النافذة الثانية» من تصفيات كأس آسيا التي يبدأها المنتخب اللبناني اليوم بمواجهة الهند (الساعة 12.00 ظهراً بتوقيت بيروت).
غالباً ما كانت مباريات التصفيات الآسيوية أشبه بنزهة لبنانية، فالمنتخب الوطني تفنّن في إسقاط خصومه، وهو أمر بدا طبيعياً في ظل طفرة المواهب التي عرفتها كرة السلة اللبنانية لفترةٍ غير قصيرة، الأمر الذي صنع فارقاً كبيراً بين منتخبنا والمنتخبات الأخرى المنافسة له في محيطنا.
لكن سرعة تدهور أحوال البلاد وتالياً كرة السلة التي تغيب عن الساحة الرياضية منذ أكثر من سنة، حيث لا بطولة ولا منتخب ولا حتى العدد الكافي من الأندية للتفكير بإطلاق الدوري، كل ذلك يجعل الكلام عن اللقاء مع الهند اليوم وذاك الذي سيخوضه المنتخب أمام العراق يوم الأحد المقبل، مختلفاً إلى حدٍّ ما.
هذا الكلام يأتي من متطلبات الجمهور السلوي، والذي ينتظر من منتخبه دائماً أن يحصد الانتصارات ويصنع الاستعراض ويفرض نفسه منتخباً قويّاً في كل مباراة لا في المباريات الرسمية فقط أو في البطولات الكبيرة التي اعتاد على لعب أدوارٍ كبيرة فيها.
لكن اليوم يختلف الوضع كثيراً، وهي مسألة جليّة من خلال قراءة التشكيلة اللبنانية التي انتقلت إلى البحرين لخوض المباراتين المذكورتين سلفاً ضمن «النافذة الثانية» للتصفيات القارية. اليوم لا بدّ من التفكير بأن لا ننتظر الكثير من منتخبٍ ابتعد معظم أفراده عن المباريات والمنافسات منذ فترة طويلة، وهو أمر أثّر سلباً في نفسياتهم ومعنوياتهم التي يقول أحدهم إنها في أدنى مستوياتها.
نقطةٌ مهمة أخرى تضاف إلى هذا الكلام وهي الخضة غير المتوقعة التي حصلت فور استقرار منتخبنا في المنامة، والتي بلا شك شتّتتْ تركيز البعض عن المباراتين المرتقبتين، وتركت قلقاً حول الفترة المقبلة وشكلها وطريقة التعامل معها لتضميد الجراح المفتوحة والشروع في عملية ترميم يحتاج إليها المنتخب بلا شك.
صحيح أنه لا يفترض للمباراتين أن تخلقا مشكلة للبنان في هذه الجولة من التصفيات، إذ إن الموهبة الفطرية لدى لاعبينا لا بدّ أن تصنع الفارق أمام الهند والعراق، إضافةً إلى شوقهم الكبير للعودة للإحساس بشعور المنافسات. كلها مسائل تضاف إلى دافعٍ أساسي لديهم أيضاً، ويتمثّل بطموح تقديم أنفسهم إلى الكشافين والمهتمين، آملين تلقي عروض خارجية بعد تدهور أوضاع معظمهم مادياً وتجميد عقودهم بحكم عدم انطلاق البطولة، وهو الفتيل الذي أشعل الأزمة على حدّ تعبيرهم منذ فترة ليست بقصيرة.
إذاً أكثر من سنة من دون الإحساس بالمباريات سيلعب دوره سلباً بالتأكيد، ما يعني أن الاعتماد الأساسي سيكون على اندفاع اللاعبين الشبان الذين ارتفع عددهم في المنتخب حديثاً في موازاة بعض الاستثناءات لأصحاب الخبرة الذين يبدو حضورهم ضرورياً خصوصاً في هذه الفترة الحرجة والتي يمكن اعتبارها انتقالية بعد «مرحلة فادي الخطيب» ونجومٍ آخرين تركوا الساحة الدولية.
لذا لا ضير من القول بأنه لا يفترض أن نتوقّع أو نطالب بمستوى لعبٍ عالٍ تقنياً، بل الأفضل النظر إلى المجهود الذي سيقدّمه كل لاعب، ويُرجّح أن يكون فردياً أكثر منه جماعياً بفعل عدم القدرة على خلق الانسجام الكامل في فترةٍ قصيرة لا يُحسد الجهاز الفني بقيادة جو مجاعص ومساعده جاد الحاج عليها.
لكن عدة نقاط إيجابية تُسجّل أيضاً في الجانب الفني، إذ إن قدوم لاعب الارتكاز آتر ماجوك هو أمر مهم أكثر من أي وقتٍ مضى، كونه حاجة قصوى للمنتخب في هذه الفترة تحديداً على اعتبار أنه كان أحد اللاعبين الناشطين في الأشهر الأخيرة، حيث لعب مع الاتحاد المنستيري التونسي قبل انتقاله إلى العربي القطري. ووجود ماجوك مهم تحت السلة بعد الابتعاد المؤسف للاعبين كانوا سيؤمّنون الحجم المطلوب تحت السلة، أمثال دانيال فارس وشارل تابت اللذين ابتعدا عن اللعبة للاهتمام بأعمالهما الخاصة، وهو أمر انسحب للأسف على الشابين جيرار حديديان الذي كان في صلب المرحلة التأسيسية لمنتخبٍ جديد، وإيلي شمعون الذي سار في تطوّر كبير في الفترة الأخيرة التي سبقت توقف اللعبة.
كما يمكن الاعتماد على جهوزية عرقجي الذي نشط مع الشمال القطري، وعلي حيدر الذي لعب مع المنامة البحريني، وكريم عز الدين الذي يلعب في الدرجة الثانية في فرنسا مع فريق «باريس باسكت بول».
هذا في وقتٍ سيطلّ سيرجيو درويش للمرّة الأولى بعدما سبقته سمعته إلى لبنان منذ فترةٍ طويلة بفعل تألقه في دوري الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية، وهو إذ لم يخض أي مباريات رسمية منذ اختتام البطولة المذكورة بين آذار ونيسان الماضي، فإن وجوده في مركز صناعة الألعاب سيكون مفيداً جداً ضمن التوجّه المرتقب للمباراتين أمام الهند والعراق، حيث يُنتظر أن تكون اللعبة السريعة هي السلاح الأقوى لمنتخبنا أمام منتخبات يفترض أن تكون أبطأ منه، ولا تملك لاعبين بالمستوى نفسه على صعيد الارتداد بعكس لبنان الذي يستطيع الإبقاء على هذا النسق طوال المباراة، أقلّه بوجود درويش وعرقجي وعلي منصور.