كتبت لوسي بارسخيان في “نداء الوطن”:
يضع العدّ العكسي لإنتهاء سنة 2020 مرفقين أساسيين في مدينة زحلة تحت ضغط خطر المهل الداهمة: الكهرباء ومعالجة الصرف الصحّي. هما خدمتان بديهيتان في تأمين أبسط حقوق المواطنين، ولكنّهما يؤمّنان تمايزاً للمدينة عن معظم المدن اللبنانية التي تفتقدهما، وبالتالي يخشى الزحليون عودتهما الى نقطة الصفر، لأنّ عقود تشغيلهما تنتهي في أواخر كانون الثاني، فيما لم تظهر حتى الآن أي خطة تؤمّن إستمراريتهما.
المخرج بالنسبة لإنتهاء عقد شركة كهرباء زحلة يطرح نيابياً كحلّ تشريعي يؤمّن التمديد لإدارتها الحالية. والإقتراحات المطروحة لا تزال في سباق مع الوقت، وآخرها ما تقدّم به نواب من تكتّل “لبنان القوي” أمس، والذي يتوافق مع الإقتراح المقدّم من النواب جورج عقيص، سيزار معلوف، وعاصم عراجي. علماً أن التحذيرات من الوصول الى المهل الأخيرة كانت قد بدأت منذ شهر شباط الماضي، بكتاب مسجّل لدى وزارة الطاقة رفعه إليها رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب. فيما يبدو تأمين إستمرار تشغيل محطة تكرير زحلة أكثر تعقيداً، خصوصاً أنّ الكلّ تنصّل من تولّي هذه المسؤولية في بداية العام المقبل، أي بعد إنتهاء عقد الشركة الإيطالية التي أوكلت اليها المهمّة خلال أول عامين من تشغيل المحطّة. ووِفقاً لما كشفته المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، فإنّ توقف تشغيل المحطّة مجدّداً سيؤدّي الى تدفّق يومي لـ 18 ألف متر مكعّب من مياه الصرف الآتية من المناطق السكنية التابعة لمدينة زحلة من دون معالجة، ما يشكّل كارثة بيئية لمياه نهر الليطاني وبحيرة القرعون.
تحذير “الليطاني” تزامن مع صرخة رفعها رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب، للإسراع في تأمين إستمرارية عمل المحطّة، في ظلّ الشكوك حول قدرات مؤسسة مياه البقاع بإدارة هذا المرفق. الى أن صدر يوم الأربعاء بيان عن مؤسسة مياه البقاع أعلنت فيه صراحة عجزها الكلّي في تسلّم مهمّة إدارة محطّة زحلة أو أي محطة تكرير أخرى في البقاع، حتّى لو كان القانون 221 الصادر منذ سنة 2000 قد أوكلها المهمّة. فالمؤسّسة بحسب بيانها لا تملك الكادر البشري لإدارة وتشغيل هذه المحطّات وِفق المواصفات المطلوبة وطنياً وعالمياً، كما أن واقعها المالي يجعلها تقف عاجزة أمام كلفة التشغيل العالية، علماً أنّ كلفة عقد التشغيل الموقّع مع الشركة الإيطالية تجاوزت المليوني دولار.
بيان مؤسسة المياه إذاً ينبّه الى واقع كارثي ستقبل عليه زحلة ومعها كلّ القرى التي تقع أدنى منها، خصوصاً أنها ستكون المتلقّفة الأولى للآثار البيئية السلبية لتدفّق المياه الآسنة عبر أراضيها، ولا سيّما برّ الياس والمرج، اللتين شغّلت محطّة التكرير تحت ضغط تحرّك ناشطيهما، وسيف التلويح بالمحاسبة في الإنتخابات النيابية. علماً أنّ حجر الأساس لمحطة تكرير زحلة وضع سنة 2003، إلا أنّها لم تشغّل قبل سنة 2017، إستجابة للضغوطات التي وصلت الى حد ّالتلويح بإغراق زحلة بمجاريرها إذا لم ترفع عن نهر الليطاني. أمّا توقّف المحطة عن العمل مجدّداً، فسيشكّل هدراً إضافياً للأموال العامة بعدما بلغت كلفة تجهيزها 36.8 مليون دولار اميركي وفقاً لتوضيح مصلحة الليطاني. علماً أن زحلة عانت كثيراً قبل تشغيل المحطة وبعدها، وما زالت منذ عامين تواجه صعوبة في تصريف كميات الحمأة SLUDGE الناتجة عن عملية التكرير. ومع توالي سقوط مرافق الدولة وإنحلال مؤسساتها حالياً، يبدو أنّ الزحليين غير متفائلين بالحفاظ ولو على القليل الذي أنجزته مدينتهم، من خلال رفع ضررها البيئي عن الليطاني وعن جيرانها.