سعد الياس – “القدس العربي”:
حسم النجل الأكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري الشيخ بهاء الحريري قراره بخوض المعترك السياسي منذ أن ظهر للمرة الأولى بشكل علني بعد استشهاد والده في 14 شباط/فبراير 2005 .وإذا كان اسم بهاء الحريري بات في التداول بديلاً عن شقيقه الرئيس سعد الحريري الذي استقال من المملكة العربية السعودية قبل 3 سنوات، فهذا الاسم عاد ليتردّد بقوة بعد ثورة 17 تشرين/أكتوبر، مقدّماً خطاباً متمايزاً عن شقيقه خصوصاً لناحية حزب الله واعتبار أي تمثيل له في الحكومة «خطأ» رافضاً تخصيص وزارة حصرياً لفريق.
وفي مقابلة خاصة مع «القدس العربي» يبدو بهاء الحريري متناغماً مع الثورة ضد المنظومة السياسية التي يحمّلها مسؤولية الانهيار ويتهمها بـ”الفشل الذريع” من دون أن يستثني منها شقيقه سعد، قائلاً «لا يحق لهذه المنظومة أن تكون مسؤولة عن تشكيل الحكومة» واعداً «بإطلاق مشروع متكامل في نهاية هذه السنة أو في الأسابيع الأولى من السنة المقبلة يوصل البلد إلى برّ الأمان ويسترجع كرامة اللبنانيين». ولعلّ هذا ما يفسّر التركيز على الحضور الإعلامي من خلال تفعيل المنصّة الإلكترونية «صوت بيروت إنترناسيونال» بالتعاون في بعض المجالات مع LBCI .
حكومة تكنوقراط
وحسب المعلومات فإن بهاء المستفيد من الدعم الدولي والخليجي على تواصل دائم مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي يعتبره «الأب الروحي» مثنياً على مشروعه للحياد من ضمن الالتزام بالقضايا العربية. ويعتبر الحريري «أن اتفاق الطائف معطّل وبموجب هذا الاتفاق على كل الميليشيات تسليم سلاحها وهذا لم يُنفّذ «.ويؤكد «على المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وعدم القبول بالمثالثة».
وفي ما يلي وقائع الحوار الذي أجرته «القدس العربي» مع رجل الاعمال السيد بهاء الحريري:
تبدو ناقماً كغالبية الشعب على الطبقة الحاكمة هل من أمل في التغيير وقد رأينا خيبة من الثورة؟
طبعاً الأمل موجود، ولكن من المستحيل على هذه الطبقة التي سقطت سياسياً واقتصادياً وفشلت فشلاً ذريعاً في إيصال الخدمات للشعب اللبناني بكل معنى الكلمة أن تؤمن الاستقرار وتستقطب الثقة من جانب المجتمع العربي والدولي، فقد أصبحنا في عزلة دولية. هذه المنظومة جعلت لبنان في وضع انهيار اقتصادي ومالي كامل، والشعب لن يسكت عن هذا الموضوع، علينا تنظيم البيت الداخلي وبعدها ستكون الانطلاقة للتغيير.
كيف يكون الإنقاذ برأيك وهل تشكّل حكومة المهمة فرصة للحل ووقف الانهيار وما الذي يؤخّر تشكيل هذه الحكومة؟
ما يهمّنا أن ترحل هذه المنظومة وعليها الاعتراف بالفشل والجلوس جانباً وأن تكون هناك فرصة لحكومة تكنوقراط تبصر النور، وبعدها من الضروري أن تمشي هذه الحكومة بالتعديلات الدستورية التي يحتاجها البلد لإخراج لبنان من المحاصصة،وتحوّل لبنان إلى دولة حديثة وتضع خطة اقتصادية متكاملة لخروج لبنان من أزمته. هذا الفشل الذريع الذي أوصلوا البلد إليه أي حكومة تحترم نفسها تستقيل وتقعد جانباً.
سمعنا البطريرك الماروني ينتقد تشكيل الحكومة بالتقسيط، أي رسالة توجّهها إلى شقيقك الرئيس سعد الحريري؟
قلتها وأعيدها لا حق لهذه المنظومة أن تكون مسؤولة عن التشكيل، لقد رأينا أداء على مدى 15 سنة ولم نرَ أي نتائج لهذا الأداء. كان البلد بألف خير في عام 2004 وبعدها رأينا البلد يتجه من سيئ إلى أسوأ، ومن لم يستطع مرة أولى وثانية وثالثة الوصول إلى نتيجة عليه أن يعترف ويقول لا قدرة لنا، وعلينا أن نمنح الفرصة لشخصيات قادرة من خارج هذه المنظومة لاسترجاع الثقة بلبنان ووضع البلد ضمن خارطة اقتصادية لاخراجه من الهاوية.
العقوبات
سبق واعتبرت أن تمثيل حزب الله في الحكومة هو خطأ كبير ولكن هل يمكن تجاوز شريحة كبيرة من الطائفة الشيعية؟
نحن لا نعتبر حزب الله شيعياً بل نعتبره حزباً إيرانياً، الشيعة لهم دور كامل في البلد وهم ليسوا بأقلية بل طائفة كبيرة وطبعاً سيكون لها دور كامل ومتكامل في مستقبل البلد.
يعني أنت تميّز بين «الثنائي الشيعي» وبين الطائفة الشيعية؟
طبعاً نحن بيت اعتدال والرئيس رفيق الحريري رحمة الله عليه مشروعه عابر للطوائف، وموضوع أن يكون السنّي ضد الشيعي هذا مرفوض كلياً، أما حزب الله فيسير وفقاً لأجندة ايرانية وهذا مرفوض كلياً.
كيف نظرت إلى منح حقيبة المال للطائفة الشيعية لمرة واحدة؟ وهل شكّلت هذه الخطوة مناسبة للآخرين للتمسك ايضاً بحقائب؟
– هذه هي مسألة المحاصصة ولذلك نتحدث عن تعديل لايجاد نهاية لهذه المحاصصة ولا يجوز أن يكون لفريق حصرية بأي وزارة.
كيف قرأت العقوبات الأمريكية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وهل من تلويح بعقوبات على الرئيس الحريري في حال تمّ توزير حزب الله في الحكومة؟
الولايات المتحدة لديها مصالحها ولديها حسابات تتعلق بالأمن القومي ولن ترضى أن يحدث شيء على حساب الأمن القومي الأمريكي، وأنا لا أتدخّل في هذا الموضوع، هذا قرار سيادي أمريكي.
لبنان لم يتعرّض لعقوبات اقتصادية إنما الاشخاص تعرّضوا لهذه العقوبات، والعقوبات على اي دولة تخنقها مثلما حصل مع ايران حيث إختنقت عملتها خلافاً للوضع في لبنان الذي هو مفتعل وناتج من إنعدام الادارة.لدى لبنان مقومات تتمثّل بالمغتربين في الخارج والسياحة ونظام المصارف والطبابة والتعليم، وكل هذه المقوّمات والقدرات التي لدى لبنان دمّروها على مدى 15 سنة ،كيف استطاعوا تدمير هذه الامبراطورية؟! وهذه المسؤولية تقع على الموجودين حالياً في السلطة وهذا فشل أكثر من ذريع.
هل تعتقد أن التأخير في تأليف الحكومة هو بسبب انتظار تسلّم الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن مقاليد البيت الابيض بعد شهرين؟
من الواضح أن تعيينات الرئيس بايدن هي وسطية وليست تعيينات يسارية، طبعاً لن يكون يمينياً متطرّفاً لأنه ليس ترامب ولكن لن يكون رهينة القوة اليسارية. إنما تعيينات بايدن لن تكون متناقضة مع المؤسسات الأمريكية. ومجلس الشيوخ من الواضح أنه سيكون جمهورياً. وتاريخ الانسان مهم وعندما يكون شخص على مدى 40 سنة وسطياً لا يستطيع القول الآن إنه يساري، ثم هو إختار ساندي ماكين زوجة جون ماكين التي هي جمهورية في الفريق الانتقالي.ومخطئ من يعتقد أنه سيكون هناك شيك على بياض.
ما صحة وجود علاقة بينك وبين الرئيس بايدن؟
هذا الكلام غير صحيح، لنكن واضحين.نحن لدينا مصالحنا ومطالبنا ونريد علاقة جيدة مع كل المجتمع الدولي، وطبعاً نحن كلبنانيين رأسماليون في تفكيرنا والدياسبورا اللبنانية تعيش في اوروبا والولايات المتحدة وكندا واوستراليا وأمريكا اللاتينية وهذه كلها دول اقتصادها حرّ منفتح، واللبناني بطبيعته ترعرع في جو اقتصادي حر وإعلام حر، ونحن طبعاً نريد علاقات جيدة مع كل هذه الدول.
دولة الرئيس
كيف السبيل لاعادة العلاقات الوثيقة بين لبنان والدول العربية وخصوصاً الدول الخليجية؟
علينا احترام دول الخليج التي كان لوالدي رفيق علاقات مميزة معها، طبعاً نحن نؤمن بالحياد، وإنما هناك خصوصية للدول العربية وللخليج، ولبنان هو في حضن الدول العربية، وهذا أمر أساسي وعلينا ألا نقبل بوجود أحد داخل لبنان يحوّله إلى منبر لمهاجمة هذه الدول الكريمة التي أعطتنا الكثير من مساعدات إلى توفير فرص عمل للمغتربين اللبنانيين الذين يعملون لديها، ولولاهم لكانت لدينا مشكلة كبيرة، ولا نتحدث عن ألف أو ألفين بل عن مئات الألوف الذين يعملون في الخليج. فلا يجوز التعرّض لهذه الدول، واللبنانيون الذين يعملون في هذه الدول يشتغلون من عميق قلوبهم، ومن الضروري والاساسي أن تكون علاقتنا بإخواننا الخليجيين والعرب جيدة جداً.
متى سنطلق على الشيخ بهاء الحريري لقب دولة الرئيس؟
الإنسان عليه أن يخدم بلده بالطريقة التي يجدها مناسبة، نحن لم نترك البلد، وكما كان يقول رفيق دائماً «أعوذ بالله من كلمة أنا» لدينا فريق يشتغل على كل الامور وفي الشهر الأول من السنة المقبلة سنطلق مشروعاً متكاملاً للشعب اللبناني…
ما هي طبيعة هذا المشروع؟
هو مشروع للبلد ، أين نحن؟ وكيف سيصل البلد إلى برّ الأمان؟ هذا المشروع سنطرحه بتفاصيله حول كيفية إخراج لبنان من أزمته، وهذا الامر لم يعد شخصياً.والانسان لا يفكّر بنفسه بل ببلده وبشعبه، وقد أعطانا رفيق الكثير وعاش وإستشهد لبلده.الموضوع الشخصي لم يعد مهماً ، البلد في أزمة ضخمة. وعلينا أن نكون جميعاً يداً واحدة مسيحيين ومسلمين.وأتكلم هنا عن السنّي والشيعي والدرزي والماروني والاورثوذكسي لندخل بمشروع متكامل عابر للطوائف نعرضه لأخواننا العرب وللمجتمع الدولي ولنقول لهم هذا هو المشروع الذي نريده والذي يوصل البلد إلى شاطىء الأمان.
هل أنت على تواصل مع بعض الأحزاب اللبنانية؟
كل الافرقاء الذين أوصلوا البلاد إلى ما هي عليه من فشل كيف سنتواصل معهم؟ نحن لن نحكم على أحد لأننا لسنا بصدد القيام بثورة بلشفية، في دولة القانون الإنسان بريء حتى تثبت عدم براءته، نحن لن نحكم على إنسان أنه مذنب إنما من الواضح أن مَن كان في الحكم طيلة هذه السنوات عليه مسؤولية عن الفشل في البلد.
لا قبول بالمثالثة
كيف نظرت إلى إصرار الرئيس بري على طرح قانون انتخاب جديد يقوم على لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي؟
يمكن للرئيس بري أن يقترح ما يريد إنما في آخر النهار الثورة ستنظّم نفسها وستدخل في مشروع موحّد وهي ستكون صاحبة القرار. له الحق في أن يقول هذا الكلام إنما كل طرف له رأيه ، إلا أن مخططنا يختلف كلياً وسنكون واضحين بالكلام إما آخر السنة لأننا لا ننام ليلاً نهاراً لانجاز مشروعنا ، أو في الاسابيع الاولى من السنة الجديدة. والمشكلة ليست فقط قانون انتخاب بل أكبر من ذلك هي مشكلة اقتصاد وليرة وتضخّم ولقمة عيش اللبناني وأدوية وحاجات أولّية.
من المعروف أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري أطلق عبارته الشهيرة بعد اتفاق الطائف أوقفنا العدّ، فكيف السبيل إلى طمأنة المسيحيين من طغيان العددية على التعددية؟
الامر واضح بالنسبة الينا، وكما قال رفيق رحمة الله عليه، نحن أوقفنا العدّ بمعنى نص بنص نحن وأحباؤنا المسيحيون، ونصف لبنان لا يمكنه أن يكون إلا مع المكوّن المسيحي، وهذا موضوع المثالثة لا يمكننا القبول به والخروج على اتفاق الطائف، فهذه اتفاقية مبرمة ومتفق عليها اقليمياً ودولياً لا نخرج عنها لا من قريب ولا من بعيد.
وفقاً لأي دستور يعيش لبنان اليوم هل هو دستور الطائف أو دستور السلاح؟
نعتبر الآن أن الطائف معطّل لأن ثلاثة أرباعه لم يُنفّذ من اللامركزية الادارية واستقلالية القضاء وفصل الدين عن السلطة التنفيذية وإنشاء مجلس الشيوخ، ومازالت المحاصصة موجودة.
لذلك الاتفاق معطّل وأنت تعرف أنه بموجب الطائف على كل الميليشيات تسليم سلاحها وهذا لم يُنفّذ ، لذلك علينا تنفيذ الطائف ومن الاستحالة جمع اللبنانيين حالياً والقول لهم نريد اتفاقاً جديداً.رفيق رحمة الله عليه أخذ 8 سنوات للتوصل إلى الطائف ولا أحد مهتّم بك اليوم لوضع اتفاق جديد أولاً بسبب كوفيد واقتصادات وانهيارات وثانياً سنكون مدعاة للضحك علينا في المجتمع العربي والدولي لأنهم سيقولون لنا لديكم اتفاق نفّذوه لماذا لم تنفذوه؟ لا أحد ضد التعديل إنما ما بعد الطائف وليس قبله،فلدينا في الطائف تعديلات كثيرة وهذا ينقل لبنان إلى دولة حديثة.أما اذا أردنا التعديل الآن فمعناه أن بهاء سيعدّل والياس سيعدّل وطوني ومحمد وعلي ، فنكون فتحنا على أنفسنا باباً لا يمكن إقفاله. وأنا شخصياً في هذا المجال لديّ اقتراح تعديل مهم، فبعد الطائف باتت لدينا 4 رئاسات رئاسة مجلس الشيوخ ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء.أي رئيس من هؤلاء الرؤساء لا يمكنه البقاء أكثر من ولايتين ، هذا ليس وارداً في الطائف ولا يمكنك عرضه الآن إنما في وقت لاحق، وهذا يتطابق مع النظام الفرنسي 5 سنوات ب 5 أو مع النظام الأمريكي 4 ب 4 .هذا أمر جيّد فلا يمكنك أن تبقى مؤبّداً تبقى ولايتين وبعدها ترحل إلى بيتك.
هل ترى خطراً على لبنان الكبير وعلى صيغة العيش المشترك الإسلامية المسيحية؟
لا أرى حرباً أهلية، واذا نظّمنا وضعنا وبيتنا الداخلي بمشروع متكامل وتوكّلنا على الله ووضعنا يداً بيد بعض مسيحيين ومسلمين وأظهرنا للمجتمع الدولي ولأخواننا العرب إستعدادنا للقيام بما علينا فعله في الداخل، طبعاً لا يمكننا القيام بكل شيء، عندها يساعدنا إخواننا الخليجيون والمجتمع الدولي ويزول الخطر عن لبنان بمعنى انهياره كلياً.
يبدو أن السلام والتطبيع في المنطقة يتحدّى مشاريع السلاح، هل من امكانية لالتزام مبدأ الحياد الايجابي الذي طرحه البطريرك الراعي؟
نحن لا نقبل فقط مشروع الحياد إنما نثني على مشروع غبطة البطريرك الراعي لأنه أمر أساسي من ضمن التزام لبنان بالقضايا بالعرببة كونه عضو في الجامعة العربية ومعروف وفاؤه للعروبة.
ما اهمية مشروع سوليدير؟
لم يغب موضوع «سوليدير« على هامش الحوار، إذ كشف الشيخ بهاء أن والده الرئيس رفيق الحريري وقف إلى جانبه أمام مشروع إعادة إعمار وسط بيروت بعد انتهاء الحرب وسألني «ما هذا يا بابا؟».
أجبته «هذه سوليدير ووسط العاصمة». قال لي «لا» أنا كنت صغيراً حينها وأقف إلى جانب مارد اسمه رفيق الحريري، فبدأت أتعرّق وأجبته «سوليدير بناء حديث لوسط العاصمة» فأجابني «لا يا بيّي».
كعيت وقلت له «هي مركز مالي» فعقّب بالقول «لا هي 100 ألف وظيفة».
وأضاف بهاء «الأساس بالنسبة إليّ هو المواطن اللبناني واسترجاع كرامته وإعطاؤه وظيفة واستقراراً وأماناً له ولأولاده ولزوجته ولكل المجتمع، هذا هو أساس كل تفكيري وعملي ومشروعي استرجاع كرامة اللبنانيين».