Site icon IMLebanon

لبنان يتبلّغ رسمياً قرار واشنطن: لا حكومة يتمثل فيها “الحزب”

كتب أنطوان الأسمر في “اللواء”:

تثقل انتظارات اللبنانيين كاهلهم، من مآل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط الى الإنتخابات الإيرانية (حزيران 2021). يتسقّطون ما ملكت أيديهم من أخبار وتحليلات ومزايدات ومراهنات، فيما حكومتهم عالقة في شباك مسؤوليهم. لا هم قادرون على فرض إستيلادها، ولا مسؤولوهم متمكنون من تشكيلها، فيما لا يزال الرئيس المكلف سعد الحريري على صمته، ما خلا ما أبلغه الى مقربين وإلى مرجع رئاسي كبير من أنه مهدّد شخصيا، وكذلك محيطه، بالعقوبات الأميركية في حال تلكأ عن تشكيل الحكومة، او في حال رغب بتطعيم أي توليفة بوزراء من حزب الله او محسوبين عليه أو مقربين منه.

بانتظار أن يكاشف الرئيس المكلف اللبنانيين بحقيقة ما يحول دون التشكيل، بات واضحا ان الحريري يعاني في الداخل والخارج على حد سواء. فلا هو راغب في الاعتذار، ولا هو قادر على تلبية الاشتراطات الخارجية، وفي مقدمها منعه من تشكيل حكومة تضم حزب الله. هذا الواقع حدا به الى نقل المشكلة الى الخانة المسيحية، من خلال تسويق مقربين منه أن العقدة الحكومية هي مسيحية، تكمن عند رئاسة الجمهورية والتيار الوطني الحر وإصرارهما على تسمية الوزراء المسيحيين.

لا يستقيم هذا الإتهام متى عُرف أن الحريري في إجتماعه الأخير برئيس الجمهورية ميشال عون، حمل لائحة حكومية مسيحية صرف، سمى فيها 5 وزراء، منهم سليم إده وشارل الحاج (بوز ألن هاميلتون)، وشارل جورج الحاج (رئيس المؤسسة المارونية للإنتشار) وجو صدي (إستشاري عمل سابقا في بوز إند كومباني ويدير فرع الشرق الاوسط في شركة Strategy&)، وتردد أن الخامس هو نقيب المحامين ملحم خلف. وترك الحريري للرئيس تسمية وزيري الدفاع والداخلية على ان يكون شريكا في الاختيار ما يمنحه حق النقض لأي اسم لا يريده. أما الباقون من الوزراء المسيحيين فيتوزعون بين المردة والطاشناق وربما الحزب السوري القومي الإجتماعي. ولمّا سأله عون عن أسماء الوزراء المسلمين، أجاب الحريري بما معناه أنها ليست كلها بحوزته بعد.

اللافت أن من بين المرشحين المسيحيين للتوزير من سبق للموفد الفرنسي باتريك دوريل أن سوّق له في زيارته الأخيرة على انه خيار إختصاصي تتبناه باريس.

بيّن تتالي الأحداث هشاشة هذا السلوك الحريريّ بتحميل رئاسة الجمهورية والتيار مسؤولية العرقلة، خصوصا بعدما ظهر أن وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو أبلغ من إلتقاهم في زيارته الأخيرة لباريس انه ممنوع أن تضم الحكومة العتيدة وزراء من حزب الله. وتأكدت هذه المعطيات بنتيجة الاجتماع الذي حصل في العاصمة الفرنسية بين السفيرة الأميركية جيمي ماكورت والسفير رامي عدوان، وخلصت فيه ماكورت الى أن لا حكومة في لبنان في المدى المنظور، لأن اي حكومة يتمثل الحزب فيها لن تقوم لها قيامة، وهذا قرار أميركي حاسم.

تأسيسا على هذا الواقع، وبإنتظار مكاشفة الحريري الرأي العام بهذه الحقائق، على فجاجتها ومرارتها، تستمر المبادرة الفرنسية أسيرة مرحلة الاحتضار، فيما دوريل لا يزال يتابع اتصالاته مع المسؤولين في بيروت ومع عدد من رؤساء الاحزاب، مع علمه اليقيني بأن الفيتو الأميركي على تمثيل حزب الله في الحكومة هو الذي لا يزال يحول دون التأليف. وتاليا، المسألة لم تكن يوما إعتراضا محقا على مصادرة التمثيل المسيحي أو على مداورة منقوصة تستثني وزارة المال، خلافا لما سوّق له على إمتداد الأسبوعين الفائتين المقربون من الحريري.

في أي حال، لا يحول التوغّل في نكران هذا الواقع دون حقيقة ان الجميع ينتظرون مآل العلاقة الأميركية – الإيرانية، والتي من شان تسمية الرئيس المنتخب جوزف بايدن فريقه للسياسة الخارجية المؤلف من كل من أنطوني بلينكن وزيرا للخارجية (ويعرف جيدا المسؤولين اللبنانيين بحكم عمله سابقا في وزارة الخارجية وزياراته المتعددة الى بيروت) وجايك سوليفان مستشارا للأمن القومي (هو الآخر يعرف مسؤولين وشخصيات لبنانية)، أن تميط اللثام عن التوجه الأولي للإدارة الجديدة في الشرق الأوسط. فكلا الرجلين إنخرط بأحوال المنطقة، ولكليهما دور في اتفاق لوزان النووي. وبالتأكيد سيكون لهما الشان الأكبر في إعادة صوغ العلاقة الأميركية – الإيرانية.