كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
يكثّف المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش من حراكه السياسي في بيروت، وفي باله أنّ الولادة الحكومية لا يفترض أن تتأخر أكثر. لا بل هي بنظره تأخرت أصلاً. من يرصد حسابه على “تويتر”، يتبيّن مدى حرصه على متابعة كل الشؤون المحلية بدءاً من قانون الانتخابات، وصولاً الى الخطة الاقتصادية مروراً بمعضلة الطلاب الذين يتابعون تحصيلهم في الخارج.
في الواقع، يتمحور حراك الديبلوماسي الأممي حول طرح واحد: تأليف حكومة تحاكي تطلعات المجتمع الدولي. وللأخير معيار وحيد لكسر عزلة لبنان، وهي طبيعة الوزراء ومدى استقلاليتهم عن أجندات الأحزاب التي ستسميهم.
أما غير ذلك من شروط تتسرب من خرم الاجتماعات المغلقة، فتبدو فيها بعض المبالغة والهروب من التعقيدات الداخلية. وفق المواكبين، الاعتبار الوحيد الذي تأخذه الدول المعنية، وتحديداً فرنسا لكي تفتح باب “الكاش” أمام اللبنانيين، هو أن يتمتع الوزراء بالحدّ الأدنى من الاستقلالية التي تبعدهم قدر الامكان عن فلك تأثيرات الأحزاب. بالنسبة للادارة الفرنسية، فإنّ المعايير الكلاسيكية في التسميات، انتهت صلاحيتها من لحظة وقوع الانهيار المالي وباتت الحاجة الى دعم خارجي للحؤول دون الغرق أكثر في الفوضى. أما غير ذلك، فلا يشعر الفرنسيون أنهم معنيون بالروايات التي يرويها اللبنانيون عن تضييق من جانب الادارة الأميركية لمنع قيام حكومة جديدة.
ولهذا يمثّل يان كوبيتش وفق المتابعين، الموقف الدولي من الملف اللبناني، وراهناً الحكومي، ولذا هو يقوم بمحاولات حثيثة لدفع القوى السياسية الى تذليل العقبات التي تعترض تفاهمها، حيث تشير المعلومات إلى ضغط دولي استثنائي تتم ممارسته على مختلف القوى لدفعها الى الأمام لتحقيق تقدم في الموضوع الحكومي. وينطوي حراك منسق الأمم المتحدة على مسعى يقوده لتسريع وتيرة الاتصالات.
يصر المتابعون على أن العقدة الحكومية محصورة بآلية تسمية الوزراء، من دون سواها، واذا لم يقتنع المعنيون أن الزمن تغيّر وأن الحاجة الى دولارات الخارج تفرض على القوى السياسية القيام بتنازلات في هذا الشأن، فلن يخرج لبنان من قعره. ويشير هؤلاء إلى أنّ سيناريو انتظار دخول الادارة الأميركية الجديدة الى البيت الأبيض، لا يمتّ الى الواقع بصلة لأنّ “حزب الله” يعرف جيداً أنّ المفاوضات الأميركية- الايرانية قد تمتد إلى أشهر قبل أن تتحدد معالمها، بينما الوضع اللبناني لا يحتمل أسابيع. واذا ما كان “الحزب” قادراً على الصمود، فإنّ بيئة حليفه، أي العهد و”التيار الوطني الحر” لا تتمتع بمقومات الصمود أبداً.
ولهذا يقول هؤلاء إنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يراهن على استسلام العهد لضغوطات شارعه كي يفتح باب التعاون معه وفق القواعد التي تضعها الادارة الفرنسية. واذا “مش التلاتاء، بلكي الخميس”!
ولكن في المقابل، يلفت خصوم قوى الثامن من آذار، الى أنّ ثلاثي العهد والثنائي الشيعي لا يبدي أي استعجال لدفن حكومة حسان دياب. لا بل أكثر من ذلك، تقبض هذه القوى على رئاسة الجمهورية، وأغلبية مجلس النواب، والحكومة، والعديد من الأجهزة الأمنية، وها هو المجلس المركزي للمصرف المركزي في قبضتها. فلماذا تستعجل لتأليف حكومة جديدة مع شركاء جدد؟
بالنسبة لهؤلاء، لا يزال رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يخوض معركة الحكومة على قاعدة “الصولد” بعد ضربة العقوبات التي تعرض لها. ولذا هو غير مستعد لتقديم أي تنازل خصوصاً اذا تبين له أنّ ادارة جو بايدن على استعداد لمراجعة علاقتها به.
ولكن وفق ملتقي دبلوماسيين غربيين، فإنّ الضغط الخارجي سيتعاظم أكثر مع الوقت لدفع القوى اللبنانية الى القبول بالشروط المفروضة منذ اللحظة الأولى. وبالتالي إنّ الرهان على الوقت سيزيد الكلفة لا أكثر.