كتب مازن ع. خطاب في “اللواء”:
أدان «حزب الله» العقوبات الأميركية على حليفه النائب جبران باسيل، ووصف بيانه العقوبات بأنها «قرار سياسي صرف وتدخل سافر وفظّ في الشؤون الداخلية للبنان». وقد استدعى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه السفيرة الأميركية دوروثي شيا لطلب الحصول على المستندات التي استندت اليها وزارة الخزانة لإصدار عقوبات على وزراء آخرهم جبران باسيل. وقد عَبّرت شيا خلال اللقاء عن استعدادها لنقل طلب الوزير الحصول على الملفات والوثائق التي تدين مَن طاوَلتهم العقوبات من الوزراء السابقين الثلاثة الى إدارتها في واشنطن «ضماناً للشفافية التي تحرص الادارة الاميركية عليها». وفي المقابل، أعلن وهبة أنّ شيا لم تقنعه في أسباب العقوبات على باسيل وغيره.
لا شكّ بأنّ استخدام سلاح العقوبات الأميركية على الوزراء السابقين، ومن بينهم جبران باسيل الحليف المسيحي الأقوى، هدفه عزل «حزب الله» داخلياً وفي المنطقة، ومنح إسرائيل غطاءً لتحسين وضعه التفاوضي في مسألة ترسيم الحدود. وببساطة، واشنطن تريد حكومة تكون جاهزة لمواجهة «حزب الله» وحلفائه ونزع سلاحه والغاء وجوده السياسي كمنظمة ارهابية وفق التوصيف الأميركي.
وقد صرّح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن «لا حكومة في بيروت يتمثّل فيها حزب الله، ومن يُقدم على ذلك ستكون العقوبات في انتظاره».
وفي السياق ذاته، أكّدت السفيرة شيا في لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين على أن بلادها ستستمر في فرض العقوبات، ولن ينال لبنان أي مساعدات قبل الاعتراف بمسؤولية «حزب الله» عن الانهيار والتدهور الحاصل في لبنان وتحميله هو المسؤولية.
من جهّته، يعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر أن العقوبات هي رسالة إلى الحزب وحلفائه بأنه حان وقت سياسة أخرى في لبنان، والمطلوب من الطبقة السياسيّة أن تتجاوب مع الضغوط الهادفة إلى عزل الحزب وإضعافه. وقد وردت انباء عن انزعاج أميركي من مشاركة لبنان في مؤتمر اللاجئين السوريين الذي نظمته روسيا في سوريا.
وعلى الرغم من وجود مؤشّرات على احتمال قيام الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه الراحل عن الادارة الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لـ «حزب الله» من خلال اسرائيل بعد أن فرض حصاراً اقتصادياً على لبنان، إلا أنّ زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى المنطقة وزيارته الجولان المحتل والضفة الغربية ولقاء بنيامين نتنياهو، هو المؤشّر السياسي الأبرز الذي شهدته المنطقة مؤخراً. وفي كلّ حالٍ يصعب على اسرائيل شنّ حربٍ خلال جائحة كورونا، وارسال جنودها الى الجبهات ومواطنيها الى الملاجئ وسط إجراءات التباعد الاجتماعي. وبناءً على هذه المعطيات، فإن إمكان الحرب وارد ومسبباتها متوافرة ولكن تنقصها الثقة بإمكان تحقيق أهدافها وعقبة تهديد جائحة كورونا.
بالنتيجة، ستعيش منطقة الشرق الأوسط حالة ترقب شديد حتى دخول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وادارته الى البيت الأبيض في كانون الثاني المقبل، وقد تشهد تطورات دراماتيكية قد لا تكون المنطقة مستعدّة لها.