أعيد أمس فتح أبواب لبنان، بعد إغلاق لأسبوعين بوجه فيروس كورونا، الذي تبين انه استطاع الالتفاف على الأبواب المغلقة، من خلال النوافذ التي بقيت مشرعة على المناسبات، المتجاوزة لأي التزام، ما استدعى العودة الى «مناعة القطيع» مقرونة بالتعويل على وعي المواطن، بانتظار وصول اللقاحات في العاشر من فبراير، وفق الوعود الحكومية.
أما عن أبواب الحكومة، فمازالت مغلقة، بسبب الشروط والمعايير، والحسابات الرئاسية واحتياطات مصرف لبنان المركزي، والقدرة المحدودة على مواصلة دعم الأساسيات الدوائية والغذائية والنفطية.
رئيس مجلس النواب نبيه بري، سئل عن معلوماته حول ما تردد عن تحرك قطار تشكيل الحكومة، فأجاب: لا معلومات لدي تشير الى الانفراج الحكومي، الذي يجري التداول به في وسائل الإعلام، مختصرا لصحيفة «النهار» بالقول: «حالتنا بالويل»، لكنه أكد انه سيبقى في مقدمة مسهلي تشكيل الحكومة، وألا مشكلة عنده في الأسماء، كاشفا انه سبق له، منذ 20 يوما، ان سلم الحريري تشكيلة أسماء مرشحة للتوزير، وهم من الاختصاصيين، ولا علاقة لهم بحركة أمل، وترك له اختيار اثنين منهم، وقال بري: ليس المطلوب الوقوف على «الدقة ونص» في إسقاط الأسماء المطروحة على الحقائب، وليس المهم زيارة الحريري الى قصر بعبدا، إنما الأهم اتفاقهما على توليفة حكومية.
ودعا بري لجان المال والموازنة، الإدارة والعدل، الاقتصاد الوطني والتخطيط، الصحة العامة، والعمل والشؤون الاجتماعية الى جلسة مشتركة في تمام الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر غد الأربعاء 2 ديسمبر 2020، وذلك لدرس موضوع الدعم والاحتياط الإلزامي.
حكوميا أيضا، أكدت مصادر قصر بعبدا، ان الرئيس المكلف سعد الحريري لم يكن طلب موعدا للقاء الرئيس ميشال عون، علما انه يستطيع طلب الموعد في اليوم ذاته. وكان تردد ان الحريري انجز تشكيلته الحكومية من 18 وزيرا، في حين يصر رئيس الجمهورية ومن خلفه التيار الحر ورئيسه النائب جبران باسيل على حكومة من 20 وزيرا، كي يتوافر له الثلث المعطل، فيما يبدو ان الوزير باسيل مازال على قوله القديم لسعد الحريري: معا داخل الحكومة ومعا خارجها، والله لا يخليني إذا بخليك تشكل حكومة وحدك».
وثمة عنصر ذاتي آخر، يعرقل تشكيل الحكومة، عدا المعرقلات المرتبطة بالاعتبارات الأميركية والإيرانية، والتي تفاقمت بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، وهو عنصر يتمثل بقلق الفريق الحاكم من احتمال استمرارية حكومة يشكلها الحريري تحت عنوان «حكومة مهمة» لـ 6 أشهر، بحسب المواصفات الفرنسية حتى نهاية الولاية بعد سنتين، الأمر الذي من شأنه تكبيل أيدي هذا الفريق، والحؤول دون إسهامه في شق الطريق المناسب لصاحب بعبدا الجديد، فضلا عن أنه في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية تؤول سلطات الرئاسة إلى مجلس الوزراء مجتمعا وطبيعي ألا يرضي وجود الحريري على رأس هذه الحكومة، تطلعات باسيل.
بعض الأوساط المتابعة، طرحت فكرة، ان يتعهد الحريري خطيا بالاستقالة بعد انتهاء مهمة حكومته، ليطمئن القلقون، لكن هذه المسألة مازالت تتخفى خلف العرقلات الأخرى المعروفة.. كحقوق المسيحيين ووحدة المعايير وغيرها من الشعارات الجاهزة في الطلب.
إلى ذلك، تحدثت إذاعة «صوت لبنان» الكتائبية عن تحرك المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط بعبدا – بيت الوسط، لتقريب وجهات النظر، في وقت نفى فيه مكتب الإعلام الرئاسي ما يتردد عن تدخل النائب جبران باسيل بتشكيل الحكومة، وأن مسألة الحكومة هي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
وتشير الأوساط الى انه بين الطروحات المعرقلة امتلاك حزب الله الثلث المعطل، الى جانب الثلث الذي يريده الرئيس عون، بحيث يبقى الثلث الثالث لرئيس الحكومة، ما يعني «المثالثة» في الحكومة مرة أخرى. ومن هنا إصرار عون على تعيين الوزراء المسيحيين. أما حزب الله فيطالب باعتماد الآلية القديمة التي تقضي بأن تعين كل كتلة وزراءها. وهذا ما يؤكد ما سبق وأعلنه الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله عن تأخر ولادة الحكومة طالما ألا أحد يتحدث مع حزب الله حول هذا الموضوع.
في هذه الأثناء، أعلنت إسرائيل عن تأجيل مفاوضات ترسيم الحدود، في جولتها المقررة غدا الأربعاء دون تبرير في وقت حلق الطيران الحربي الإسرائيلي على علو منخفض وبكثافة فوق الساحل اللبناني الممتد من صور حتى بيروت.
أما «التدقيق الجنائي» الذي أوصى به مجلس النواب فمازال تائها بين التزام حاكمية مصرف لبنان بالقرار النيابي، وبالتالي لمن تسلم المستندات بعد انسحاب شركة «الفاريز» وبين تجاهل العارف وتجهيل الفاعل.