جوني فخري – “العربية”:
بينما كان من المفترض أن تُعقد اليوم جولة المفاوضات الخامسة بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، أبلغت بيروت رسمياً بتأجيل الأمر إلى موعد لم يحدد بعد، وذلك بعدما أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز قبل يومين، إرجاء المفاوضات، موضحاً أن الوسيط الأميركي سيلتقي كلاً من الجانبين على حدة لاستيضاح وجهات النظر.
وفتح التأجيل الباب واسعاً أمام التساؤلات عن الأسباب، فيما إذا كانت تقنية بحتة أم أن هناك أسبابا سياسية مخفية لها أبعاد كبيرة تؤشر إلى انتقال الملف من مرحلة إلى أخرى، متأثراً بالوتيرة التصاعدية للعقوبات الأميركية على شخصيات لبنانية من جهة، وبنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية من جهة ثانية، وكذلك بالمستجدات الإقليمية كلّها، لا سيما على الخط الأميركي – الإيراني بعد اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده من جهة ثالثة.
الإطار الزمني قرار يعود للطرفين
وعن الموضوع، كشف الناطق باسم السفارة الأميركية في بيروت كايسي بونفيلد لـ”العربية.نت”، عن أن الوسيط الأميركي جون دو روشيه رئيس وفد الولايات المتحدة المشارك في المفاوضات، سيواصل مهمة تسهيل المباحثات مع الطرفين من أجل التوصل إلى قرار طال انتظاره بشأن ترسيم الحدود البحرية.
وأوضح أن تحديد الإطار الزمني لمفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قرار يعود أمر اتّخاذه بالكامل إلى طرفي النزاع، معلناً أن بلاده ما زالت ملتزمة بالوساطة التي تقودها في هذا المجال عبر تقديم التسهيلات الممكنة بناء على طلب البلدين.
مقتل فخري زاده أرجأ المفاوضات
وفي وقت اكتفى فيه مصدر دبلوماسي بالقول إن عدم تحديد موعد لجولة مفاوضات جديدة بين لبنان وإسرائيل غير مرتبط بالتطورات الإقليمية الساخنة، في المنطقة، أشار مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات، العميد الركن خالد حماده، لـ”العربية.نت”، إلى أن ما يجري في المنطقة، تحديداً بعد مقتل العالم النووي الإيراني يقف وراء الطلب الإسرائيلي بإرجاء مفاوضات الترسيم من دون تحديد موعد.
ونوّه أنه وبسبب هذا التطور في الصراع الأميركي – الإسرائيلي – الإيراني، رفعت إسرائيل حالة التأهب تحسّباً لأي ردّ إيراني على مقتل العالم النووي فخري زاده، مستشهداً بطائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي لم تغادر الأجواء اللبنانية في الساعات الماضية.
وأشار إلى أن إسرائيل طلبت تأجيل المفاوضات ربما خوفاً من تعرّض مركز الأمم المتحدة الذي يستضيف المباحثات في الناقورة جنوب لبنان لاستهداف من قبل حزب الله، خصوصاً أن تل أبيب تعتبر أن منطقة جنوب الليطاني خاضعة لسيطرة الميليشيا، وهو ما يُعرّض فريقها التفاوضي لخطر الاستهداف.
الترسيم جزء من الصراع
إلا أن العميد حمادة اعتبر أن مفاوضات ترسيم الحدود بالنسبة لإسرائيل جزء من الصراع المفتوح مع إيران، وبالتالي لا يُمكن فصله عن التطورات القائمة في المنطقة، داعياً إلى انتظار الموقف الأميركي من القرار الإسرائيلي بعدم حضور جلسة المفاوضات، وعليه نكون أمام خيارين إما استمرار المفاوضات أو وقفها حتى إشعار آخر.
يشار إلى أنه وفي تشرين الأول الفائت، بدأ لبنان وإسرائيل مفاوضات ترسيم الحدود باجتماع وفدين من البلدين في قاعدة تابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، ضمن محاولة لحل نزاع بشأن حدودهما البحرية، والذي أعاق التنقيب عن النفط والغاز في منطقة يحتمل أن تكون غنية بالموارد.
ويطالب لبنان بترسيم الحدود وفق تقنية خط الوسط، مما يوسّع المساحة المتنازع عليها في البحر من 860 إلى 2200 كيلومتر مربع، وهو ما ادّعت إسرائيل أنه موقف يصل إلى “حد الاستفزاز”، بحسب تعبيرها.