قبل أن يتسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم في 20 كانون الثاني المقبل من سلفه الحالي دونالد ترامب، تطورات كثيرة يتوقع المراقبون السياسيون والعسكريون حصولها، تبقى كلها في دائرة التكهنات، من دون حسم. ذلك ان دائرة القرار الوحيدة محصورة بادارة ترامب والحلقة الضيقة المحيطة به.
التكهنات لا تأتي من عدم، بل هي نتاج معطيات منها الميداني ومنها المستوحى من الخطاب السياسي والمعلومات المُسربة من مصادر عدة، تصب كلها في خانة التسخين العسكري اذا لم يتوافر الحل السياسي، اذ ان واشنطن عازمة على انهاء الصراع المزمن في منطقة الشرق الاوسط وتكريس 2021 عاما للسلام من خلال مسار التطبيع الماضي قدما بين اسرائيل والدول العربية والكفيل بسحب كل ذرائع المقاومة والمواجهة المسلحة مع الدولة العبرية بما يضعف النفوذ الايراني في المنطقة عموما وفي الدول التي تسيطر عليها طهران خصوصا.
في هذا الخصوص، تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” ان الرهان الاميركي ليس سهلاً بالنظر الى الواقع الميداني في المنطقة وتمدد النفوذ الايراني، لا بل تجذره في اربع عواصم في الاقليم، غير ان مؤشرات عدة برزت في الآونة الاخيرة تشي بإمكان كسب الرهان خصوصا مع دخول روسيا على الخط لضم سوريا الى مشروع السلام، والمعلومات تشير في هذا المجال الى تفاوض غير مباشر يرتكز على ابقاء القرى الدرزية مع سوريا، وهضبة الجولان مع الجانب الاسرائيلي لتتحول الى نقطة دولية للمراقبة. وتفيد المصادر ان القرار الاميركي بانهاء الصراع العربي- الاسرائيلي متخذ ولا عودة عنه، ان مع ترامب او مع بايدن، ولئن اختلفت آلية التنفيذ، لان المصالح الاميركية تقتضي ذلك، واستمرار الصراع سيضر بها ويبقي الارضية مهيأة للتسلل الايراني والمتطرف والارهابي. هذا الامر يقتضي ان تتخذ دول المنطقة موقفا واضحا ابيض او اسود وتحسم خيارها، اما مع مشروع السلام وانهاء الصراع بضمان حقوق الشعب الفلسطيني او مع مشروع المحور الايراني اي المقاومة لحسم الصراع.
اما لبنان فتؤكد ان المطلوب منه في هذه المرحلة ان يحدد خياره السياسي وفق اجندة لبنانية لا اقليمية ايرانية. وللغاية، لا بد من عمل جدي للمسؤولين فيه واتخاذ القرار المصيري لعدم عزله عن محيطه والعالم واصدقائه في الخارج، فالاستمرار في النهج السياسي المعتمد لا بد سيرتد سلبا ويضع البلد في عزلة خارجية غربية عربية بسبب الخيار السياسي الواضح ان معظم اللبنانيين غير راضين عنه وقد عبروا عن ذلك في ثورة 17 تشرين وما زالوا. اما السبيل الى الانقاذ فواضح جدا ومن بوابة الحكومة، اذا ما تبنى الحكم المبادرة الفرنسية والتزم اليتها بتشكيل حكومة مهمة لفترة ستة اشهر من وزراء اختصاصيين غير سياسيين.
وتتوقع المصادر زيارة مسؤول اميركي للبنان والمنطقة خلال الشهر الجاري، اي قبل ان يتسلم بايدن الرئاسة. وتقول لـ”المركزية” “انتظروا مفاجأة كبيرة في تحقيقات مرفأ بيروت قد تقلب الامور رأسا على عقب، وتدفع الامور نحو منحى آخر ليتبدل المشهد اللبناني، على البارد. آنذاك تشق المبادرة الفرنسية، وآليتها حكومة المهمة، طريقها الى التنفيذ.