كتب عمر البردان في “اللواء”:
تعمدت فرنسا استباق عقد مؤتمر الدعم الإنساني الذي استضافته، أمس، وفق تقنية الفيديو، وترأسه الرئيس إيمانويل ماكرون، رسم صورة تشاؤمية لمستقبل الأوضاع في لبنان، في رسالة واضحة الأبعاد أرادت إيصالها إلى المسؤولين اللبنانيين الغارقين في الفساد حتى يستفيقوا من سباتهم، ويبادروا إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعدما تخلى الجميع عن المبادرة الفرنسية، رغم أن الرئيس ماكرون يحاول العمل من أجل إعادة الدفع بها، باعتبار أنها تشكل خشبة الخلاص الأخيرة، لإنقاذ لبنان من المأزق الذي يعانيه منذ سنوات، في وقت تتزايد المخاوف من كارثة اجتماعية وحياتية، في حال رُفع الدعم عن السلع الأساسية بعد ما يقارب الشهرين.
وقد أكدت لـ«اللواء»، أوساط سياسية متابعة للتحرك الفرنسي باتجاه لبنان، أن الكلام الذي صدر عن الرئاسة الفرنسية جاء ليعكس واقع الحال، وهذا الموقف هو ما يجب أن يكون، لإنه وخلاف ذلك فإن الدعوة الفرنسية لعقد مؤتمر الدعم، قد تفسر على أنها جاءت لتعوم فريق السلطة.
وبالتالي فإن هذا الكلام يعبر عن مدى الإحباط القائم لدى الفرنسيين من أداء المسؤولين اللبنانيين وقوى السلطة، سيما وأن هناك في لبنان من أراد استخدام هذا المؤتمر لتعزيز وضعيته والقول أنها مغطاة دولياً، فجاء الكلام الفرنسي ليضع الأمور في نصابها، بأن المساعدات موجهة للشعب اللبناني، وأن باريس لم تبدل في موقفها من السلطة المتعثرة الفاشلة في لبنان.
وتشدد الأوساط على أن ملف العقوبات الأميركية على المسؤولين اللبنانيين الذين يدعمون «حزب الله» منفصل، وهو مسار قائم بحد ذاته لا يتعلق بالسياسات الداخلية للبنان، مشيرة إلى أن هذا الملف يجب أن يشكل إشارة للرئيس المكلف سعد الحريري، أن أي حكومة تضم في عدادها «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بشكل مباشر، ستتعرض لعقوبات. وقالت أن أي حكومة يراد لها أن تكون منتجة، يفترض أن تكون خالية من كل قوى الأكثرية الحاكمة، باعتبار أن أساس المبادرة الفرنسية، تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة بعيدة من تسميات الكتل النيابية.
وتعزو تأخر الرئيس المكلف سعد الحريري في تقديم تشكيلته إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، إلى أنه لا يريد الاصطدام بالأخير في حال رفضه الموافقة على أي تشكيلة تقدم له. بعدما بدا بوضوح أن الرئيس عون وفريقه السياسي و«الثنائي» يريدون أن تسمي كل كتلة نيابية وزراءها، ولذلك يتوقع ألا يوافق رئيس الجمهورية على التشكيلة التي سيقدمها إليه الرئيس المكلف الذي يفضل الانتظار، ريثما تنجلي الأمور ويحصل تقدم حقيقي على صعيد مشاورات التأليف في المرحلة المقبلة التي يكتنفها الغموض بعد التطورات الإقليمية الأخيرة التي فرضت انعكاساتها على الساحة اللبنانية.
ولا تخفي الأوساط قلقها من تداعيات اغتيال العالم الإيراني محسن زاده، على تطورات الأوضاع في المنطقة برمتها، إلا أنها تعتقد أن إيران محشورة، لأنها تدرك أنه قبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب، فإن البيت الأبيض قد لا يتردد في القيام بأعمال عسكرية في الإقليم، باعتبار أن إسرائيل والولايات المتحدة يدفعان لجر إيران إلى مواجهة عسكرية، في وقت تدرك طهران أن أي مواجهة لن تكون في مصلحتها، بالنظر إلى الاختلالات في التوازنات الحربية بين الأطراف الثلاثة، مشيرة إلى أنه يرجح ألا يرد الإيرانيون على اغتيال زاده، وإذا قاموا بالرد، فإنه سيكون محدوداً وعلى نطاق ضيّق.