كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
في أول أربعاء من كل شهر تكون بكركي على موعد مع اجتماع المطارنة الموارنة حيث يحمل كل شهر شيئاً جديداً في بلد تتقاذفه التجاذبات وتشلّعه الخلافات الداخلية وينخر الفساد مؤسساته. لا يزال فيروس “كورونا” الهاجس الذي يسيطر على الجميع، وطبعاً فإن الكنيسة معنية جداً بهذا الملف، خصوصاً أن التجمعات الكبرى تحصل في الكنائس مثل المساجد، لذلك فإن التشديد الكنسي هو على اعتماد الإجراءات الوقائية من أجل حماية الأفراد والجماعة.
ولا تزال الأزمات تتواتر على بلد الأرز، في حين يحاول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي ترأس اجتماع مجلس المطارنة الموارنة أمس البحث عن حلول جديّة، ويرفع الصوت من أجل إنقاذ ما تبقى من مؤسسات الدولة، لكن خيبته كبيرة من السياسيين الذين لا يردّون على كلامه ولا يصغون إلى صوت الشعب المجروح. وبالطبع فإن أوضاع الرعايا في أحياء العاصمة المدمرة بسبب انفجار 4 آب تحتل حيّزاً كبيراً من اجتماعات المطارنة ومن نشاط البطريرك الراعي، لكن الحقيقة المرّة أنه لا توجد حقيقة تكشف من كان وراء الانفجار أو المسبب به، أقلّه حتى هذه الساعة. وحضرت زيارة البطريرك الراعي إلى الفاتيكان ولقاؤه قداسة البابا فرنسيس كطبق رئيسي في اجتماع المطارنة الموارنة، فقد وضعهم الراعي في أجواء اللقاء، وما دار من حوار، وموقف الكرسي الرسولي مما يحصل والذي يعبّر عن تضامنه مع أهالي بيروت وكل لبنان، ويحاول العمل من أجل دفع الجهود لإيجاد حلّ لأزمات لبنان وعدم ترك البلاد تنهار.
وتتطابق أجواء اجتماع مجلس المطارنة مع عظات البطريرك ومواقفه العالية السقف، حيث إن بكركي تلاحظ وجود استلشاق كبير في ملف الحكومة، وكل شيء يدلّ على عدم نية السياسيين تأليف حكومة إنقاذية، في حين أن الوضع لم يعد يحتمل مراوغة.
من هنا ضم مجلس المطارنة صوته إلى صوت أبناء لبنان الساخطين من المحاولات المتكرِّرة لتمييع تشكيل حكومة جديدة، خلافا لما تعهدت به الكتل النيابية، أي حكومة اختصاصيين مستقلين تباشر بورشة الإصلاح الكبرى، والإسراع في تشكيل السلطة الإجرائية لتسير بالبلاد نحو غايات وقف التدهور والأخذ بموجبات الإنقاذ. وأمام كل ما يحصل، يضطر مجلس المطارنة إلى رفع الصوت عالياً حيث يعتبر أن ما وصل إليه الوضع هو بسبب السياسات الخاطئة وتضارب المصالح والأنانية.
وكان مجلس المطارنة قد عبّر في بيانه عن قلق كبير بسبب ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل بين شباب لبنان واليد العاملة. مما يدل على مدى تدهور الأحوال العامة بسبب الإمعان في تهديم الحياة بالذات في وطننا العزيز، وعلى كل الأصعدة، مما أفقد ويفقد الأجيال الجديدة الأمل بالمستقبل والثقة بالمسؤولين عن شؤون البلاد. ومعلوم أنه لا مستقبل لدولة من دون شباب كفوء وناشط، فهم قواها التجددية في كل جيل. ومن جهة ثانية أبدى المطارنة الارتياح لعقد المؤتمر الأممي لمساعدة لبنان بدعوة فرنسية. وشكر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون والأمين العام للأُمم المتحدة على رعايتهما هذا المؤتمر، وكذلك الدول والمنظمات الدولية المشاركة فيه، ويأملون تنفيذ توصياته بسرعة وبتنظيم صارم شفاف يبعد عن اللبنانيين واللبنانيات أخطار الأزمة الاقتصادية والمعيشية. وهم يشجعون على قيام مبادرات محلية تسهم في إنعاش الاقتصاد وزيادة الإنتاج.
ولم يغب الملف الصحي عن اجتماع المطارنة إذ يتابع الآباء تنفيذ إجراءات الحجر الصحي في مواجهة جائحة كورونا، ويقلقهم تواصل تسجيل نسب مرتفعة من الإصابات في كل المناطق اللبنانية. لذا يناشدون المواطنين أن يرحموا أنفسهم وسواهم، ويلتزموا بالتدابير الحكومية. كما يدعون الجهات الرسمية المختصة إلى تصويب بعض هذه التدابير إفساحاً في المجال أمام ما تبقى من دورة إنتاجية ومن حاجة ملحة إلى تسيير الشؤون العامة.