البلد “ينهار” والحكومة تفكّر كيف وكَم ستصرف من الـ17 مليار دولار مجموع ما تبقى من موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، وقرّرت على حين غفلة “الاستنجاد” بمجلس النواب الذي عاد ورمى الكرة في ملعبها خوفاً من تحميله وَزر مسؤولية الانهيار الكبير…
وفيما ينتظر اللبنانيون من الحكومة، قرارًا إنقاذيًا كبيرًا بحجم المَصيبة الاقتصادية والمالية والحياتية والمعيشية…. التي ألمّت بهم، نراها تبحث عن مليار دولار من هنا، وبضعة ملايين من هناك لتسكين الجرح النازف… حتى لفْظ النفَس الأخير.
هذا الواقع دفع بالرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود إلى استصرخ ضمائر المسؤولين بدعوتهم اليوم قبل الغد “إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة تباشر فوراً بالإصلاحات المرجوّة” لإنهاض البلد المنهار وإنقاذ الشعب المنهَك.
وسأل عبر “المركزية”: “هل الاستمرار في استخدام الاحتياطي الأجنبي في مصرف لبنان هو القرار الكبير الإنقاذي للبلاد؟ أم إعادة الدولة إلى كيانها، والمباشرة بإصلاحات حقيقية في ظل إدارة سليمة فيما مصير البلد بأسره معلّق على تشكيل حكومة جديدة تنهض به من هذا الانهيار؟”، وقال “من الحرام اللجوء إلى “فروع” الحلول و”صغائرها” في حين المطلوب الذهاب إلى جذور الحلول وأساسها تكون بمستوى أزمة بهذا الحجم”.
وفي العودة إلى مشهديّة الأمس في البرلمان، اعتبر أن “مجلس النواب تخوّف من تلقف كرة الحكومة في اتخاذ قرار في شأن الدعم في ظل الوضعية الحالية لاحتياطي البنك المركزي والذي يتخطى دوره لكون القرار من صلاحية السلطة التنفيذية، وبالتالي تخوّف من تحميله مسؤولية الأزمة الكبيرة التي ممكن أن تؤدي إلى انفجار ضخم”.
ورأى أنه “كان على الحكومة العودة إلى مجلس النواب إن أرادت تشريعاً أو موافقة ما، لا أن تنتزع منه قراراً في شأن الدعم والاحتياطي الأجنبي”، وتابع: فلنحافظ على مؤسسة مجلس النواب التي لا تزال قائمة كي نحافظ على وجود البلد”.
وإذ حذّر من أنه “إذا لم تضع الحكومة خطة إصلاحية توقف استنزاف الموجودات الخارجية في البنك المركزي، فستُبتَلع كل تلك الموجودات”، شدد حمود على “هدف واحد وطريق واحدة يكمنان في الضغط الحقيقي لتشكيل حكومة ليس جديدة وحسب بل صحيحة أيضاً”، موضحاً أن “الدعم ليس من مسؤولية البنك المركزي إنما من صلاحية ومهام وزارة المال… أما احتياطي مصرف لبنان فهو عبارة عن موجودات خارجية للبنك المركزي وليس الاحتياطي الإلزامي… من هنا وجُب تصحيح المفهوم”.
ودعا حمود “الحكومة والبنك المركزي إلى اتخاذ قرار واضح وصريح والذهاب به إلى مجلس النواب، وهو “هل سنستمر في هذه الفوضى وهذا الفراغ ونصرف بالتالي الـ17 مليار دولار كلياً أم جزئياً في ظل غياب حكومة وإدارة صحيحة وانعدام الإصلاحات؟ أم الإسراع في تشكيل حكومة صحيحة؟ ولا أحد يربطها بشيء آخر لا باحتياط إلزامي ولا بغيره…”.
وتابع: “في حال قررت الحكومة اليوم صرف 4 مليارات من الاحتياطي وفي اليوم التالي 5 ثم 3… وبقي البلد في الحالة ذاتها، فماذا سيكون القرار التالي؟ وإذا استمر لبنان من دون حكومة لمدة سنتين فستتبخّر الـ17 مليار دولار.. مع التذكير أنها بلغت 30 ملياراً عام 2017 وقبلها 34 ملياراً… للأسف”.