في الربع الأخير من العام 2015، دخلت روسيا إلى سوريا بعد فشل إيران في حماية النظام، فانقلبت المعادلة العسكرية لمصلحة الاخير وتقلّص نفوذ المعارضة بفضل السلاح الجوّي الروسي الذي امّن التغطية لعمليات الجيش السوري.
قبل أيام من التدخل الروسي، قام رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة الى موسكو من اجل ايجاد آلية لمنع التداخل بين الطرفين، لاسيما وان اسرائيل خرقت الاجواء السورية (الموضوعة تحت سيطرة الطيران الحربي الروسي) لتوجيه ضربات صاروخية ضد اهداف ايرانية لابعادها الى جانب حزب الله عن حدودها.
وشكّل هذا التعاون بين موسكو وتل ابيب “مظلة” لحماية مصالحهما الاستراتيجية في سوريا، وبات الحديث عن “توزيع الأدوار” لمواجهة إيران، بحيث تولّت اسرائيل المهمة عبر الجوّ بشنّ ضربات مكثّفة بين الحين والاخر من خلال “قبّة باط” روسية ضد مواقع عسكرية تابعة لايران وحليفها حزب الله، في حين تصدّت روسيا للوجود الايراني في الاراضي السورية عبر إبعاده عن مناطق معيّنة بالتعاون مع الجيش السوري.
وكما تمحور التعاون حول تقليص نفوذ ايران وحزب الله في سوريا، كذلك تسعى موسكو لاستثمار علاقاتها مع النظام السوري من جهة واسرائيل من جهة اخرى من اجل تقريب المسافات بينهما من بوّابة التفاوض على الجولان، على اعتبار ان الاتفاق على الهضبة سيكون المدخل للحل بين الدولتين. وتريد موسكو الاستفادة من اجواء التطبيع العربي مع اسرائيل لاقتناص الفرصة والتوقيت المناسب لتطبيع العلاقات بين تل ابيب ودمشق.
وفي الاطار، تكشف اوساط دبلوماسية غربية عبر “المركزية” عن تواصل بين تل ابيب وموسكو حول هذا الموضوع من اجل إدخال سوريا الى قطار التطبيع، ما سيؤدي حتماً الى اغلاق جبهة عسكرية (هضبة الجولان) لطالما شكّلت مصدر قلق امني لاسرائيل”.
واعتبرت الاوساط انه “لا بد لاسرائيل اذا ارادت فعلاً تركيب بازل التطبيع بما يتناسب مع امنها واستقرارها، ان تقدّم تنازلا في الجولان يتم الاتفاق عليه بضمانات غربية مع احتفاظها بالهضبة في مقابل التنازل عن جزء من الاراضي السورية التي احتلتها لعقود”.
ورجّحت “ان تكون هذه الاراضي المُتنازل عنها ربما عائدة لدروز الجولان لصالح السيادة السورية، بحيث تشكّل الخطوة موقفاً سوريا ايجابياً للسلام في المنطقة مع شرط حفظ الحقوق الفلسطينية لقيام دولتهم وعاصمتها القدس”.
واعتبرت الاوساط الدبلوماسية “ان نجاح موسكو بهذه المهمة سيُشكّل انتصاراً استراتيجياً لها، بحيث ستكون لها إقامة دائمة في البحر المتوسط عبر قواعدها العسكرية في سوريا، كما تُصبح شريكاً اساسياً في صنع السلام في المنطقة الى جانب منافستها الولايات المتحدة”.