لقد صُدمنا بحقّ للحادث الذي تعرّض له الوزير السابق عدنان القصّار والذي تمثّل بتهجّم بعض من يدّعون أنفسهم حراكًا شعبيًا على القصّار في أحد مطاعم العاصمة. والمؤسف أن هذه الحفنة من مُمتهني الرُعونة لا يعرفون أن الرجل هو مِثال العِصاميّة والتميّز، وهو الذي أمّن فرص عمل لآلاف الموظفين منذ أكثر من ستين عامًا، وهو الذي أنشأ العديد من صروح العلم في أهم جامعات لبنان والاستشفاء ودور الرعاية، وهو الذي نسج علاقات استراتيجية مع كبرى الدول ساهمت أيما مساهمة في الازدهار الذي نعِم به لبنان لسنوات وسنوات، وهو الذي يقدّره العرب والعجم لكل ذلك.
مؤسف أن نكون قد بلغنا هذا الدرك من الإسفاف والضياع وعدم تمييز الحق من الباطل ومؤسف أن نلقي تبعة الكوارث التي تصيب بلدنا على خيرة رجالاته! فهل عدنان القصّار من يمنع التدقيق الجنائي عن المرافق العامة؟ وهل عدنان القصّار من يقبض على التشكيلات القضائية؟ وهل عدنان القصّار من أدخل إلى القطاع العام آلاف الموظفين لغايات انتخابية؟ وهل عدنان القصّار من أصدر سلسلة الرتب والرواتب؟ وهل عدنان القصّار من أهدر مليارات الدولارات في الكهرباء والماء والطرق والاتصالات وغيرها وغيرها؟ وأخيرًا وليس آخرًا هل عدنان القصّار هو المسؤول عن انفجار العصر، عنينا به انفجار مرفأ بيروت طبعًا؟
والمفارقة المُضحكة المُبكية أن القصّار كان بمفرده في المطعم وذلك لأنه مُرتاح الضمير إلى أدائه طيلة حياته الزاخرة بالعطاءات ولم يكن يرافقه حرس ومسلحون و”شبيحة” كما بعض السياسيين الذين شاهدنا بأم العين كيف تعاطوا مع بعض الحراك بالضرب والشتم والإهانات، ولكن ذلك ليس من شِيم قامة كعدنان القصّار.
لقد بلغ السيل الزبى من هذه التصرفات التي أقلّ ما يُقال بها أنها عشوائية شعبويّة فارغة المضمون ولا تليق بشباب يدّعي الحرص على الوطن ومستقبله. إن الوطن يمرّ بلحظة تاريخية حرجة تستدعي شبابًا واعيًا وراقيًا يشخّص الداء بدقة ويجد له الدواء، عوضًا عن التسلّي بمسرحيات في غير محلها على الإطلاق.