منذ إستقلاله يقع لبنان ضمن دائرة الإهتمام الغربي عموماً والأميركي خصوصاً، لما يتميز به من موقع جيوستراتيجي هام على حوض شرقي المتوسط. مع مطلع الألفية الثالثة، والإكتشافات الهائلة للغاز والنفط التي تتوالى فصولها وتأكيدها في هذه البقعة الجغرافية، دخلت المنطقة من بابها العريض في دائرة الإهتمام الأميركي المباشر.
لهذا الغرض أقر الكونغرس الأميركي بمجلسيه الشيوخ والنواب قانون عرف ب “قانون الشراكة في الأمن والطاقة في شرق المتوسط للعام 2019″، يهدف الى تقوية حلفاء أميركا في المنطقة، وتقويض الأنظمة المناوئة كإيران، وإبقاء الأمور تحت السيطرة خاصةً في مسائل الطاقة والأمن ومكافحة الدور الروسي في المنطقة.
العميد الركن المتقاعد شربل أبو زيد قال لـ”المركزية”: “يشدد الموفدون الأميركيون الى لبنان بصورة دائمة وتلقائية أن لبنان بلد حليف وصديق، وإن الجيش اللبناني يعتبر من القوى الحليفة الذي يمكن الإعتماد عليه في مكافحة الإرهاب والمجموعات الأصولية والتطرف والمساهمة في الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة الأميركية في المنطقة من ضمن محافظته على لبنان ودوره المحوري. في هذا الصدد تأتي زيارة قائد المنطقة المركزية الوسطى، الجنرال جوزف فوتيل الى لبنان في كانون الثاني 2020 حيث أكد في زيارته لقائد الجيش العماد جوزاف عون التزام الحكومة الأميركية تعزيز الشراكة اللبنانية الأميركية ودعمها للجيش اللبناني بصفته المدافع الشرعي والوحيد عن لبنان”، لافتاً الى ان “رغم التقشف في ميزانية الدفاع، تمكن الجيش اللبناني من تطوير إمكاناته العسكرية بشكلٍ مميّز على صعيدي القدرات القتالية لقواته، والأسلحة الذكية الحديثة، وكان حصوله عليها نتيجة الثقة الأميركية والدولية بأدائه”.
وتابع أبو زيد: “تعتمد عملية تسليح الجيش في الجزء الأكبر منها على المساعدات الدولية، حوالي 90 بالمئة، وبخاصةً المساعدات الأميركية التي تجاوزت خلال السنوات العشر الأخيرة مبلغ 2،5 مليار دولار وهي تُمنح كهبات تقدمها وزارة الدفاع الأميركية، وتشمل معدات عسكرية يعود لها اختيارها، أو عبر برنامج المساعدات العسكرية المخصصة للبنان من وزارة الخارجية الأميركية، والذي يعود بموجبه لقيادة الجيش تحديد أنواع العتاد والأسلحة التي تحتاجها، على أن يتمّ تأمينها من ضمن الموازنة الأميركية المحددة لها، وتشمل مختلف الأسلحة الجوية والبرية والبحرية”.
وقال: “في تشرين الثاني 2019، وعلى أثر إندلاع الثورة، أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل أن البيت الأبيض جمّد مساعدات عسكرية كانت مقررة للجيش اللبناني بقيمة 100 مليون دولار من دون ذكر الأسباب، وعلى الأرجح بسبب قوة حزب الله المتزايدة ومشاركته في السلطة. لكن الأمر بدأ بالتغيّر مع زيارة قائد القيادة الوسطى الجديد الجنرال كينيت ماكينزي الى بيروت في تموز 2020، حيث أبلغ قائد الجيش بشكل حاسم عدم تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن دعم الجيش بكل ما يطلبه من أسلحة وذخائر وبرامج تدريب وتأهيل، على رغم تقليص وزارة الدفاع الأميركية برامج مساعداتها الخارجية لكثير من الدول، وإستمرار الشراكة الفعلية معه”.
أضاف: “بتاريخ 1 كانون الأول 2020، قررت وزارة الخارجية الأميركية الموافقة على بيع عتاد عسكري خارجي محتمل للبنان، بناءً لطلب كانت قد تقدمت به الحكومة اللبنانية، لشراء ثلاثمائة مركبة مدولبة متعددة المهام نوع هامفي M1152، والمعدات ذات الصلة، وذلك على دفعتين بمعدل 150 عربة لكل دفعة، ومقابل مبلغ تقديري وقدره 55.5 مليون دولار”.
وأشار أبو زيد الى ان وزارة الخارجية علّلت قرارها بأنه سيدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال المساعدة في تحسين أمن الدولة الشريكة (لبنان)، التي لا تزال تمثل قوة مهمة للإستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط. وستوفر مركبات نقل حديثة كافية بالإضافة لما يملكه الجيش حوالي 1000 عربة مماثلة، لتحسين قدراته على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، والمنظمات المتطرفة العنيفة ولتأمين حدوده. وشددت على أن هذا الدعم لن يغير التوازن العسكري الأساسي في المنطقة”.
وختم: “أن هذا القرار من الخارجية الأميركية يعبر عن مدى ثقة الإدارة الأميركية بالجيش اللبناني، وبالأخص بقائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي غالبا ما تثني على عمله الوطني في درء الأخطار الداخلية والخارجية عن لبنان، والتعاطي بمسؤولية وحكمة وفكر عسكري إستراتيجي متقدم قلّ نظيره”.