Site icon IMLebanon

الترسيم البحري ينتظر تحديثات العقيدة العسكرية الإسرائيلية

كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:

على هامش هجوم أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط على تركيا وإيران وإسرائيل، والتعثّر الذي دخل على خطّ التفاوُض حول الترسيم الحدودي البحري غير المباشر بين لبنان وإسرائيل، بوساطة أميركية ورعاية دولية، ونشاط الموفد الأميركي السفير جون دو روشيه في هذا الإطار، لا بدّ من الإشارة الى إمكانية أن يكون هذا الملف دخل دائرة التجميد الكلّي، الى ما بعد أشهر ربما، نظراً الى آخر التقلّبات والمستجدات السياسية والعسكرية على الساحة الإسرائيلية.

يبدو أن هناك إمكانية لأن تتوجّه تل أبيب نحو انتخابات مبكرة، وهو ما يعني أن خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من المشهد الدولي في 20 كانون الثاني القادم، قد يُستتبَع بلحاق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو به بعد أشهر ربما، ليتقدّم سيناريو بايدن – غانتس (الرئيس الأميركي المُنتخَب جو بايدن، ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس)، في المشهدَيْن الإقليمي والدولي، والذي قد يكون مُنسجماً ومتناغماً أكثر، أميركياً وإسرائيلياً، على غرار سيناريو ترامب – نتنياهو سابقاً.

“بنك أهداف”
أما من الناحية العسكرية، فإننا نجد أن إسرائيل بدأت تتسلّم أولى بوارجها الجديدة، وهي “أي.ان.اس ماغن” من فئة “ساعر – 6″، مجهّزة بـ “رادار” هو الأكثر تطوّراً مقارنة بأي سفينة حربية حول العالم، وذلك ضمن صفقة من قطع بحرية وغواصات جديدة تندرج في إطار تحديث الأسطول البحري الإسرائيلي، وتعزّز قدرات إسرائيل على استهداف إيران وميليشياتها في المنطقة، بشكل مباشر.
وبحسب خبراء في المجال العسكري، فإن الأسطول الجديد يقوّي قدرة سلاح البحرية على حماية منشآت إسرائيل لاستخراج الغاز الطبيعي والموارد النفطية قبالة السواحل الإسرائيلية، التي ستكون الهدف الأساسي على جدول “بنك أهداف” طهران وأذرعها خلال عام 2021.

تحوّلات
وهذا جزء من تحوّل واسع في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، في عصر التصارُع على المناطق الإقتصادية الخالصة، والمناطق البحرية، ولا سيّما بوجود إسرائيل في مشاريع أساسية للطاقة والغاز في المنطقة، وبموازاة استثمارات جديدة في ميناء حيفا، والعمل على تطوير البنية التحتية الإسرائيلية البحرية، والسيطرة على الأصول الاستراتيجية في البحر، خصوصاً أن تل أبيب تستقبل قسماً كبيراً جدّاً من وارداتها عبر البحر.
ومجموع ما سبق يدلّ على وجود تحوّلات سياسية وعسكرية إسرائيلية، ستنعكس على إدخال متغيّرات كبيرة على ملف التفاوُض حول الترسيم البحري غير المباشر مع لبنان، وذلك بمعزل عن موعد الجلسة الجديدة للتفاوُض.

مجموعات صغيرة
أشار خبير في شؤون الشرق الأوسط الى أن “إسرائيل تعمل على تطوير سياساتها وعقيدتها القتالية بما يتناسب دائماً مع كل ظرف. وهو ما سينعكس حتماً على مستقبل التفاوُض غير المباشر على الحدود البحرية مع لبنان”.
وأوضح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “تل أبيب ذهبت باتّجاه إلغاء سياسة الإعتماد على الفرق المدرّعة في جيشها، وتوجّهت نحو التركيز العسكري على الخطر الجديد المتمثّل بمكافحة خطر “الإيديولوجيا” الإسلامية”.
وشرح:”هذا يعني أنها أصبحت تشكّل مجموعات صغيرة ضمن جيشها، قادرة على أن تتدخل في أماكن عدّة، وذلك بدلاً من تشكيل فرق مدرّعة هي عبارة عن فرق مشاة ثقيلة، تدخل في هجوم كاسح وتحتلّ”.

جزء صغير
وقال الخبير:”هذا دليل على أن إسرائيل تستدرك الوضع مع الدول العربية، بعد تراجُع الحاجة الى التصارُع معها. وهي لذلك تُبقي على جزء صغير من جيشها وفق التنظيم القديم، من باب الاحتياط، وهو مجهّز وحاضر للتدخّل في إيران، إذا دعت الحاجة الى ذلك”.
وأضاف:”هذه العقيدة الإسرائيلية الجديدة عنوانها الإنفتاح على الدول العربية، في عزّ التصارُع مع إيران”.
وختم:”من هذا المُنطلَق، نجد أن ملفات المنطقة عموماً، تنتظر أيضاً تبلور مجموعة من المتغيّرات على الساحة الإسرائيلية، وليس الأميركية فقط. وهي تحتاج الى أشهر عدّة لمعرفة شكلها النهائي، أو ربما شبه النهائي”.