Site icon IMLebanon

الفرصة ما زالت سانحة للإنقاذ!

كتب عمر البردان في “اللواء”:

بقدر ما أبدى مؤتمر الدعم الإنساني الذي عقد في باريس استعداده لتوفير مقومات الصمود للشعب اللبناني، في مواجهة الظروف الصعبة التي يواجهها، بقدر ما رسم صورة قاتمة لمسار الأوضاع في لبنان، في ظل العجز الفاضح في تشكيل الحكومة، وارتفاع منسوب المخاوف من تداعيات الانهيار الاقتصادي الذي أصاب كل القطاعات، توازياً مع اقتراب موعد رفع الدعم عن السلع الأساسية، وهذا ما سيفاقم حجم المعاناة ويعمق جراح اللبنانيين الذين يئنون تحت وطأة الجوع والحرمان والفقر. لكن المجتمعين أكدوا في المقابل أن الخروج من المأزق الذي يعانيه اللبنانيون، يكمن في الانطلاق من خارطة الطريق التي وضعتها ورقة الإصلاحات الفرنسية المؤرخة في الأول من أيلول الماضي، والتي هي برأي أصحابها بمثابة خارطة طريق للإنقاذ من هذا الواقع المزري الذي يعيشه لبنان.

وتشدد مصادر اقتصادية ومصرفية لـ«اللواء»، على أن الرسالة الأساسية التي أراد مؤتمر باريس إيصالها إلى المسؤولين اللبنانيين، هي ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة موثوقة توقف المسار الانحداري السريع الذي ينزلق إليه الوضع في لبنان، مع ما لذلك من تداعيات خطيرة للغاية على الشعب اللبناني الذي يعاني أزمات متراكمة أفقدته القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات الخانقة التي ترخي بثقلها على أوضاعه الداخلية، مشيرة إلى أن المجتمعين أبدوا الاستعداد للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، في حال أدرك المسؤولون اللبنانيون خطورة ما يمر به بلدهم، وبالتالي سارعوا إلى إزالة العقبات التي مازالت تعترض عملية التأليف المتعثرة، من أجل ولادة الحكومة الجديدة التي ينتظرها المجتمع الدول، من أجل السير بمشروع الإصلاحات التي يحتاجها لبنان، سعياً لتقديم المبرر للدول المانحة لمساعدته وإخراجه من مأزقه.

وتعتبر المصادر أن الفرصة ما زالت سانحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في ظل وجود استعداد دولي للمساعدة، لكن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه، إلا في حال صدقت النوايا وأظهر المسؤولون حرصاً على ملاقاة المجتمع الدولي، بالتوصل إلى توليفة وزارية ذات مصداقية وتوحي بالثقة من خلال نوعية أعضائها، وأن تكون بعيدة من أي تأثير حزبي، بعد التجارب غير المشجعة للحكومات السياسية في لبنان التي غالباً ما شكلت بتناقضاتها وعيوبها، عبئاً على اللبنانيين. وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك الحاجة الماسة إلى حكومة اختصاصيين مستقلين لديهم الإمكانات التي تسمح باستعادة الثقة العربية والدولية . بعدما أصبح لبنان في عزلة غير مسبوقة عن محيطه العربي، وعن العالم الخارجي الذي بات ينظر إلى لبنان نظرة قلق وارتياب، في ظل وجود هذه الطبقة السياسية التي تتحمل المسؤولية كاملة عن كل ما وصل إليه الوضع في لبنان.

وكشفت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» في هذا الإطار، أن هناك ضغوطات فرنسية على المعنيين بعملية تشكيل الحكومة، إلى استغلال فرصة الاستعداد الدولي التي ظهرت في مؤتمر باريس الأخير، بالإسراع في التوافق على الحكومة العتيدة، بعدما ذكر أن الرئيس إيمانويل ماكرون تمنى على رئيس الجمهورية ميشال عون، القبول بالتشكيلة التي قد يقدمها له الرئيس المكلف في الأيام المقبلة، لأن البلد يحتاج إلى حكومة في أسرع وقت، سيما وأن الجانب الفرنسي يأمل ولادتها قبل الزيارة المرتقبة للرئيس ماكرون إلى لبنان آخر الجاري، من أجل السير قدماً لتنفيذ المبادرة الفرنسية التي لا زالت تشكل المخرج المناسب من هذه الأزمة التي لم يشهدها لبنان في تاريخه.

وتؤكد في هذا السياق، أوساط مقربة من الرئيس المكلف، أن الكرة في ملعب المعرقلين الذين يختلقون العراقيل للضغط على الرئيس الحريري، لدفعه إلى تحقيق مطالبهم. ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يمر، باعتبار أن الرئيس المكلف لن يقبل بتشكيل حكومة لا تلبي طموحاته، وتستجيب للواقع الداخلي المؤلم الذي يتطلب وجود كفاءات في الحكومة الجديدة توحي بالنزاهة، ولن يقبل مطلقاً بتوزير أسماء لا يؤمن بقدراتها، وهو ما أبلغه إلى كل المعنيين بالتأليف. وبالتالي لا بد من الفريق الآخر إلا أن يعي خطورة المرحلة ويبادر بعد الاستعداد الدولي للمساعدة، إلى تقديم تنازلات تفضي إلى تسريع الولادة الحكومية.