Site icon IMLebanon

“الحزب” و”القوات”: حذار الاستنتاجات المتسرعة!

على هامش تشكيل الحكومة وحرب الأحجام في داخلها، يجدر التوقف عند بعض الأحداث والمواقف الحاملة عبرا كبيرة قد تساهم في رسم معالم المرحلة المقبلة، في ظل انتظار قد يكون طويلا للخروج من نفق التشكيل. حيث أن ملف التدقيق الجنائي الذي يحتل بدوره مساحة واسعة في واجهة الأحداث، يبدو ماليا إصلاحيا أولا. لكن هذا لا يلغي طابعه السياسي، بدليل أن نجاحا نادرا سجل في هذا الاطار، حيث أن التقاء لافتا بين القوات، وخصمها الداخلي الأول، حزب الله، اخترق الاصطفافات التقليدية. غير أنه بدا هشا إلى حد السقوط عند مفاصل حساسة كانفجار المرفأ والانتخابات الطالبية.

وفي السياق، لفتت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى أن معراب التقت مع كل من الضاحية الجنوبية وميرنا الشالوحي وكل الأفرقاء الداخليين على ضرورة اجراء التدقيق الجنائي في المؤسسات والادارات الرسمية والصناديق، لا لشيء إلا لأن أحدا لا يريد أن يضع نفسه في موقع العرقلة المتعمدة لمسار مكافحة الفساد، الذي يصر عليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما المجتمع الدولي وصندوق النقد. فكان أن رحبت القوات بالرسالة الرئاسية وشاركت إلى جانب حزب الله في الجلسة النيابية التي عقدت الأسبوع الفائت.

وذكّرت المصادر بأن الطرفين التقيا مع التيار الوطني الحر على التعبير عن معارضة السياسات المالية المتبعة منذ عقود، وعلى ممارسة القنص المالي والسياسي في اتجاه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بدليل الهجوم الذي شنه نائب رئيس القوات النائب جورج عدوان من على منبر مجلس النواب على الحاكم عقب إحدى الجلسات. ولكن، في وقت يستعد تكتل الجمهورية القوية القواتي لتقديم اقتراح قانون يحافظ على احتياطي المصرف المركزي، أخذت المصادر على حزب الله أنه لم يقدم أي ترجمة عملية لجديته في معركة الاصلاح المالي ومكافحة الفساد. فباستثناء الهجوم السياسي على مصرف لبنان وحاكمه، لم يقدم الحزب أي مستندات قد تساعد في فك لغم الفساد والفاسدين، مع العلم أن الجملة الشهيرة التي قالها النائب حسن فضل الله من على منبر مجلس النواب في 2019 لا تزال ماثلة في الأذهان. فالرجل أكد أنه يملك “مستندات من شأنها، لو كشفت أن تدخل رؤوسا كبيرة إلى السجن”. وفي الانتظار، نبهت المصادر أيضا إلى أن القوات وحزب الله اللذين يحرصان على الاشارة إلى التعاون النيابي بينهما التقيا أيضا على معارضة المقاربة البرتقالية لملف الكهرباء، ولا سيما بواخر الطاقة، من دون أن يؤدي ذلك إلى خطوة عملية مشتركة للتعبير عن الامتعاض.

على أن الأهم، بحسب المصادر أن حجم الهوة الكبيرة أصلا بين الحزبين الخصمين عاد ليظهر سريعا عند المنعطفات السياسية الكبرى كتأليف الحكومة وقانون الانتخابات. بدليل أن رئيس حزب القوات سمير جعجع لا يزال في موقع الهجوم المركز على ما يسميه “الثلاثي الحاكم “، الذي يمنع الرئيس سعد الحريري من تشكيل الحكومة التي يراها مناسبة. ولفتت إلى أن جعجع أكثر في الفترة الأخيرة من التصاريح التي تحمل الثنائي الشيعي إضافة إلى التيار الوطني الحر مسؤولية الأزمة التي تمر بها البلاد، معتبرا أن لا أفق للحل ما دام هذا الثلاثي ممسكا بمفاصل الحكم.

كذلك تخوض القوات، إلى جانب التيار وسائر الأحزاب المسيحية معركة الحفاظ على قانون الانتخاب الحالي، في مواجهة ضغط رئيس المجلس نبيه بري (بموافقة ضمنية من حزب الله) على فرض قانون النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة، الذي لا يناسب المسيحيين ولا سواهم من الطوائف الأقل عددا. وفي وقت نجح اللوبي المسيحي في قذف النقاش إلى مواعيد مجهولة، بدا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض حريصا على إطلاق الاشارات الايجابية في اتجاه المسيحيين حيث أكد، عقب جلسة اللجان المشتركة قبل عشرة أيام، أن الحزب لا يرى ضيرا في الابقاء على القانون الحالي.

وعلى وقع الاشكالات بين مناصري القوات والحزب في أعقاب الانتخابات الطالبية في جامعة القديس يوسف، معطوفة على الدعاوى القضائية التي ينوي الحزب رفعها ضد الموقع الالكتروني للقوات، على خلفية اتهامه بالضلوع في انفجار المرفأ، حذرت المصادر من مغبة الغرق في الاستنتاجات السياسية المتسرعة لهذا التقارب الموضعي بين معراب والضاحية، خصوصا أن أحدا منهما لم يتخل عن خطوطه الاستراتيجية العريضة.