IMLebanon

لبنان في اضطراب اقتصادي ومالي

كتب جاك الشالوحي في صحيفة اللواء:

منذ العام 2019 ولبنان يعاني من أزمة اقتصادية خطيرة للغاية لدرجة أن الخبراء يقارنون الوضع بموقف فنزويلا. فقدت العملة اللبنانية قيمتها، والأسعار آخذة في الارتفاع والفقر يتصاعد مع مشاكل اجتماعية متزايدة بشكل يومي. كيف وصل هذا البلد، الذي كان يُطلق عليه ذات يوم «سويسرا الشرق الأوسط»، إلى وضعه الكارثيّ حاليّا؟

يعاني لبنان من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه. لطالما عانت البلاد من اقتصاد ريعي هشّ يعيش على الإستدانة وعلى دعم من المغتربين في الخارج الذين يرسلون حوالي 7 مليار دولار سنوياً، هذا إلى جانب كمٍّ هائل من الفساد والسرقة، وارتفاع سنوي في النفقات يقابله انخفاض في الواردات. ويجب التنبّه إلى أن غياب التخطيط بكلّ نواحيه سهّل الإنهيار وعزّزه.

أزمة كوفيد العالمية أتت لتزيد الطين بلّة؛ ديون الدولة لامست الـ 90 مليار دولار أي أكثر من 170% من الناتج المحلي الإجمالي وهناك تخلّف عن دفع سندات اليوروبوندز. هذه الفجوة في لبنان كانت بسبب نظام سياسي رأسمالي فاشل ومستبدّ، مستبد بلقمة عيشهم وحقوقهم. تنبع هذه الأزمة من سياسة اقتصادية سيئة يتحدث الخبراء دائما عن نتائجها السلبية: مصروف من دون مدخول!

نخر الفساد الدولة التي تحوّلت خزينتها منذ سنين إلى سلّة مثقوبة تمتلئ من طرف وتفرغ من طرفٍ آخر. أمضى السياسيون سنيناً طويلة في سرقة أرزاق الناس وموارد الدولة. ومن ناحية أخرى، نرى أن الشعب ساهم أيضاً بانهيار دولته لأنّه كان كالشيطان الأخرس وخان وطنه بتهرّبه الثلاثيّ الأبعاد: تهرّب ضريبيّ، تهرّب من المسؤولية الوطنية، التهرّب من لفظ كلمة الحقّ…

ترتبط الحلول الفورية بإعادة هيكلة وجدولة الدين العام اللبناني الذي ازداد بشكل كبير مؤخّراً، بينما يواجه لبنان كما ذكرنا تراجعاً في انشطته الإقتصادية التي ستنخفض من 55 مليار دولار إلى أقل من 50 مليار دولار وفقاً لدراسات أجرتها المنظمات الدولية، وبالتالي الركود الاقتصادي الذي بدأ سنة 2018 والذي قد حقّق نسبة الـ 10٪ سيستمر مبدئياً حتى عام 2022 وفقاً للتوقعات الحالية. لذلك، يجب على لبنان دعم وتطوير القطاعين الزراعي والصناعي، وخفض نسبة وكمية الواردات، وترشيد الدعم، وتحقيق جباية ضريبية تصل إلى 100%، وكذلك استثمار واسع لموارد الدولة في النفط والمياه.

أمّا على الصعيد الأمني ​​والسياسي، يجب خلق جوّ مريح وآمن يجذب العملات الصعبة إلى حضن أبناء البلد عبر السياحة والإستثمارات الأجنبية. ومن ناحية أخرى، يرى الكثير أن الحلّ يبدأ بإصلاح جدّي في موضوع الطاقة والكهرباء، لما سبّبه هذا القطاع عبر سنين من هدر ومصاريف وصلت إلى 50% من قيمة الدين العام. إستعادة الأملاك البحرية، ضبط الحدود ووقف التهريب، تحسين معدلات الفائدة في القروض المعدّة للإستهلاك أو للإستثمار، تدقيق في حسابات الدولة وإنهاء التوظيف العشوائي… كلّها حلول مطروحة ومعقولة.

لن يكون لبنان قادراً على البقاء والإستمرار من هنا حتى عام 2027 من دون حلول فورية وإصلاحات جذرية. ونسأل من يعنيهم الأمر أن يهتموا بالبلد وأن يتعاطفوا مع وضعه، لأن بلاد الأرز لا تستحق كل هذا الظلم والعذاب… فهل ينهض لبنان من جديد ويعود للحياة كطائر الفينيق؟