IMLebanon

العيون شاخصة نحو الدعم: قطبة مخفية تثير تساؤلات

كتبت إيفا أبي حيدر في صحيفة الجمهورية:

تبدو حكومة تصريف الاعمال في أسوأ أيامها على رغم أنّ أزمة رفع الدعم أزالت عنها غبار الخمول الذي كان يطوّقها، فاضطرت الى تنشيط عملها ورفعه الى مستويات متقدمة، لكنّ النتائج لا تبدو حتى الآن بحجم طموحات الناس الذي ينتظرون بقلق استراتيجية ترشيد الدعم.

بعدما احترقت أكثر من 4 مليارات دولار، تحرّك السياسيون لإنقاذ 800 مليون دولار متبقية منها، فكان يوم طويل جداً في السرايا ولقاءات مع الوزراء والقطاعات المعنية، أي المحروقات والقمح والأدوية والسلة الغذائية، لتَتظَهّر ملامح بعض التوجهات المرتقبة للفترة المقبلة. فالأكيد ان لا توجهاً لرفع الدعم في المطلق في المرحلة المقبلة، إنما هناك ترشيد للدعم، بما يطرح علامات استفهام عدة عمّا حال دون السير بترشيد الدعم منذ البداية، اذ انّ المواطن كان يفضّل عدم إدراج الكاجو والفستق والنسكافيه وغيرها من السلع غير الأساسية في السلة المدعومة، وعدم دعم السلع التي تتوفّر عبر الانتاج المحلي، وكان ليفضّل ضبط التهريب على هَدر مليارين و78 مليون دولار على المحروقات منذ كانون الثاني الماضي، وان يستفيد مباشرة من هِبة الطحين العراقية بدل إعطائها للأفران، وان يتوفّر الدواء والمستلزمات الطبية بسهولة بدل إلغاء عمليات جراحية، لا بل كان الأجدى تخصيص المحتاجين ببطاقة تمويلية يصرف فيها الأموال حيثما تدعوه الحاجة، لا أن يتشارَك والمَيسور وسكان الدول المجاورة الدعم نفسه. شهران يفصلان عن انتهاء الاموال المخصصة للدعم، فهل لا يزال ممكناً الاصلاح بما تَيسّر من أموال؟ فالفضيحة اليوم لا تكمن في الأزمة المالية التي يواجهها لبنان، إنما المصيبة في مرور أكثر من عام على هذه الأزمة من دون اتخاذ إجراء واحد على الأقل يحدّ منها.

وبعد البلبلة التي أحدثها رفع الدعم عن الطحين أمس الاول، أثيرت بلبلة امس حول الدواء بعد الحديث عن اقتصار الدعم على عدد محدود من الادوية او احتسابه على سعر 3900 ليرة. في هذا السياق، يشرح نقيب مستوردي الادوية كريم جبارة، بعد مشاركته في لقاءات السراي، انّ التوجّه العام هو نحو ترشيد الدعم، لأنّ لبنان لا يتحمّل رفع الدعم بالمطلق لِما لهذه الخطوة من تداعيات كارثية. وكشف انّ وزارة الصحة قدّمت أمس خطتها لترشيد الدعم، والتي أعَدّتها بالتنسيق مع اللجنة التي ألّفها رئيس مجلس الوزراء منذ حوالى الشهرين لدراسة هذا الموضوع الى كل من المصرف المركزي والجهات الضامنة والنقابات المعنية بالقطاع الصحي المشارِكة في الاجتماع.

وعن الخطة، يقول جبارة انها متوازنة ومتكاملة بحيث توازن ما بين الهدف المالي من خلال الترشيد، والحفاظ على المستوى الصحي والخدمات الصحية في لبنان وعدم زيادة الكلفة على الجهات الضامنة او على المواطن. وشرح انها تتضمّن نحو 5 نقاط على انّ كلّ بند منها يتعلق بجزئية معينة من الادوية، هي: الادوية التي لا تحتاج الى وصفة طبية OTC، أدوية الصحة العامة وادوية الامراض المزمنة، الى جانب بعض الافكار المتعلقة في السوق ككل، والهدف التخفيف من استهلاك الدواء بطريقة جيدة مع التحفيز على الصناعة الوطنية حيث أمكن والتحفيز على الجنيريك حيث أمكن.

ولفت جبارة الى انّ التوجّه العام يَنحو الى خفض أسعار الاستيراد او خفض الاستهلاك او ترشيد استعمال الدواء بأساليب مختلفة سيعلن عنها وزير الصحة في القريب. وأكد انّ معظم الادوية التي يتناولها اللبنانيون الخاصة بالامراض المزمنة (القلب والسكري والضغط) والامراض المستعصية والسرطانية ستبقى مدعومة على سعر 1515 ليرة، وهي تتخطى الـ50 صنفاً، اي عكس ما اُشيع، مضيفاً: نحن في صدد إيجاد اساليب تخفف من الاستهلاك مع تطبيق قرار التسعير الذي من المتوقع ان يطبق مطلع العام، والذي من شأنه ان يخفض من الفاتورة الدوائية بشكل ملحوظ.

انتفاء الحاجة للدولار!

فيما يرى البعض انّ استكمال السير بالدعم هو حاجة اساسية، وانّ تداعيات رفعه ستكون كارثة اجتماعية، يُطالب البعض الآخر بضرورة رفعه وفوراً، ويؤيّد هذا الطرح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، الذي يدعو الى رفع الدعم كليّاً عن كل شيء أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، على ان تحوّل كل الأموال التي تهدر للدعم الى المصارف، التي عليها بدورها أن تدفع بالدولار الحقيقي للمودعين، عندها سيتوفر الدولار ويتراجع سعره مجدداً امام الليرة.

وقال لـ”الجمهورية” انّ اموال الاحتياطي ليست ملكاً للمصارف ولا لمصرف لبنان، إنما هي ملك للناس.