Site icon IMLebanon

هل انكسرت جرة تفاهم مار مخايل نهائيا؟

لم يكن ينقص العلاقة المتوترة بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي إلا هجوم مركز على بعبدا من العيار الثقيل، كذاك الذي شنته مساء أمس محطة “إن بي إن” الناطقة بلسان رئيس مجلس النواب نبيه بري، على رئيس الجمهورية، على خلفية التشكيلات القضائية المعلقة منذ شهور على حبال الحسابات السياسية، ليتأكد المؤكد: الهوة بين الجانبين آخذة في الاتساع، على رغم الاشارات الايجابية التي تبادلاها عقب فرض العقوبات الأميركية على  رئيس التيار النائب جبران باسيل.

وفي معرض قراءة الرسائل السياسية وراء هذه الصورة الضبابية، دعت مصادر سياسية عبر “المركزية” إلى التنبه إلى السياق السياسي اللاهب الذي أتى في إطاره هذا الهجوم، قاطعا الطريق على أي ردم للهوة بين الطرفين، في المستقبل القريب على الأقل. فإذا كان بعض المراقبين استغرب عدم إتيان الرئيس عون على ذكر ملف التشكيلات القضائية أمام مجلس القضاء الأعلى، وهو المعني الاول به، فإن هذا الأمر يبقى نوعا من التفاصيل الصغيرة في مقابل الكباش حول تشكيل الحكومة.

وفي وقت يحظى الرئيس المكلف سعد الحريري بدعم الرئيس بري في تأليف سريع لحكومة مهمة، على وقع العد العكسي لـ “عودة” الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت، لا يزال الحريري يصطدم بموقف الفريق الرئاسي لجهة ما تسميه أوساط دوائر الحكم “وحدة المعايير”، مع العلم أن أحدا لا يشك، على حد قول المصادر، في أن وراء هذا التعنت ردا مبطنا على نجاح الثنائي في الضغط للإحتفاظ بوزارة المال. على أن هذا السجال لا يخفي المعركة الأكبر على الاصلاحات، التي دقت إسفينا جديدا بين الفريقين.

وفي هذا الاطار، اعتبرت المصادر أن إذا كان صحيحا أن المجتمع الدولي يحمل الفريق الحاكم مسؤولية التأخير في تنفيذ الاصلاحات الموعودة، فإن الصحيح أيضا أن الرئيس بري كان أول وأشد معارضي اقرار الكابيتال كونترول، وهو أحد أهم أسباب خلافه مع الرئيس حسان دياب. ولفتت أيضا إلى أن المجلس قذف كرة التدقيق الجنائي إلى الملعب الحكومي، ليعيدها رئيس الجمهورية إلى الميدان البرلماني. مع العلم أن الأخير خرج من “السجال” “متل الشعرة من العجينة” بتوصية غير ملزمة قانونيا.

على أي حال، فإن المصادر اعتبرت أن العقوبات الأميركية الأخيرة على باسيل، وما أنتجته من محاولات ترقيع العلاقة بين الطرفين لم تنفع مع العلم أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دخل شخصيا على الخط لإصلاح ما أفسدته الأيام مع الحليف الاستراتيجي، مشيرة إلى أن أيا من الحزبين ما عاد يخفي امتعاضه مما آل إليه تفاهم مار مخايل، بدليل الرد العوني السريع على مقدمة الـ إن بي إن”، حيث اعتبر النائب سليم عون أنها تهدف إلى الضغط على رئيس الجمهورية للقبول “بما لا يمكن القبول به حكوميا”، في وقت شن أحد قياديي التيار هجوما على الحزب من دون تسميته، معتبرا أن هناك مناطق لا تدفع فواتير الكهرباء، في إشارة إلى الضاحية الجنوبية.

أمام هذا المشهد، استبعدت المصادر أن تعود الأمور إلى مجاريها بين التيار والرئاسة والثنائي الشيعي، مع العلم أن الحسابات الرئاسية قد تقود باسيل إلى الاسراع في إصلاح ذات البين مع حزب الله، في ظل المنافسة الشرسة على كرسي بعبدا، وحضور الحليف الأوثق للحزب، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بقوة على الساحة الرئاسية، وهو الذي يبدو واثقا من نيله جرعة دعم زرقاء وصفراء على حد سواء، في ظل العلاقة المتوترة  بين باسيل والرئيس الحريري وهو ما يشهد عليه تأليف الحكومة راهنا.