Site icon IMLebanon

قطاعات عدة في لبنان تفرغ من عمالها الأجانب

كتبت كارولين عاكوم في “الشرق الأوسط”:

انعكست الأزمة الاقتصادية في لبنان وارتفاع سعر صرف الدولار إلى مستوى غير مسبوق على وجود اليد العاملة الأجنبية التي كانت تقدر بحوالي مليون و200 ألف شخص تبلغ تكلفة رواتبهم أكثر من مليار و200 مليون دولار سنويا. والسبب الأساسي لمغادرة هؤلاء الأجانب الذين يعملون في قطاعات معينة هو تراجع قدرة العائلات اللبنانية وقيمة رواتبها ومداخيل الشركات بحسب ما يقول الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»، في وقت تزداد فيه نسبة البطالة في لبنان التي وصلت إلى أكثر من 50 في المائة وفق بعض التقديرات.

وتعكس الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي التي يعلن عبرها يوميا العشرات عن حاجتهم لعاملين في قطاعات معينة، ولا سيما العاملات في المنازل عن حجم المشكلة التي يعاني منها لبنان اليوم خاصة مع طبيعة الحياة التي تفرض على المرأة والرجل العمل لتأمين معيشة العائلة، بحيث كان التعويض عن غيابهما يتم عبر الاستعانة بمساعدة منزلية دائمة في البيت من جنسيات عدة أبرزها الإثيوبية والبنغلادشية وغيرهما.

ويوضح شمس الدين أن عدد العاملين الأجانب قبل الأزمة كان يقدر بحوالي 450 ألفا بين شرعيين وغير شرعيين موزعين بشكل أساسي على العمالة المنزلية والتنظيفات والبناء ومحطات المحروقات، إضافة إلى حوالي 600 ألف عامل سوري و250 ألف عامل فلسطيني، مشيرا إلى أن الأزمة لم تنعكس على العمالة السورية والفلسطينية إنما أدت إلى مغادرة حوالي 200 ألف عامل لعدم إمكانية حصولهم على رواتبهم بالدولار (كانت حوالي 300 دولار شهريا) أي إلى خروج ما يقارب مليار دولار و200 مليون دولار سنويا من لبنان.

ومع هذا الفراغ الذي بدأ يظهر في بعض القطاعات أطلقت مبادرات عدّة لدعم وتشجيع اليد العاملة اللبنانية وهو ما لاقى تجاوبا وإن بشكل متفاوت بين قطاع وآخر، فيما برزت مشكلة على سبيل المثال في قطاع الأفران والمخابز هي عدم وجود الخبرة لدى اللبنانيين وتحديدا في عمل صناعة الخبز، وهو ما يشير إليه نقيب الأفران في لبنان علي إبراهيم. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت قد أعلنت عن استعدادنا لاستقبال العمال اللبنانيين وقد بادر رئيس بلدية الغبيري إلى وضع إعلان وتقدّم أكثر من 11 ألف طلب، لكن المشكلة تكمن في عدم تمتّع هؤلاء بالخبرة اللازمة بعدما كان اللبناني طوال عشرات السنوات يمتنع عن القيام بهذه الأعمال التي تعتبر شاقة جدا، مؤكدا «لولا العامل السوري لم يكن لدينا صناعة خبز في لبنان».

ويلفت إبراهيم «إلى مبادرة جديدة، من المديرة العامة للتعليم المهني والتقني في لبنان هنادي بري للعمل على إعداد دورات تدريبية للشباب اللبناني وستعقد معها اجتماعات في وقت قريب للبحث في إمكانية التنفيذ علّنا نصل إلى نتيجة وعندها لن يكون لدينا مشكلة من توظيف اليد العاملة اللبنانية».

أما في قطاع العمالة المنزلية، فتقول إحدى السيدات التي أطلقت مشروعا قبل أشهر قليلة يهدف إلى تأمين عاملات في المنازل يشمل رعاية المسنين ومجالسة الأطفال والتدبير المنزلي إن هناك إقبالا من قبل اللبنانيات على هذه الأعمال.

وتوضح لـ«الشرق الأوسط» «مقاربة اللبنانيين لهذا النوع من العمل تبدّلت لا سيما مع ارتفاع سعر صرف الدولار بحيث باتت الرواتب التي تُقدم توازي أي وظيفة عادية، وهي تتراوح بين مليون ومليوني ليرة لبنانية، (بين 150 و300 دولار) حتى إنه يتقدم للعمل لدينا فتيات وسيدات من حملة الشهادات».

لكن في المقابل يرفض شمس الدين القول إن اللبناني يرفض العمل في هذا القطاع أو ذاك، مؤكدا أن المشكلة ليست لدى الموظف اللبناني إنما عند ربّ العمل الذي يخالف القوانين في تعامله مع العمال الأجانب لجهة ساعات العمل وعدم حصوله على إجازة والتأمين الصحي وغيرها، وهو ما لا يقبل به اللبناني، وبالتالي الأمر يحتاج إلى تنظيم ومراقبة من قبل الجهات المعنية وتحديدا وزارة العمل ومؤسسة الضمان الاجتماعي لمنح الموظف اللبناني حقوقه. ويعطي مثالا على ذلك أن العامل الأجنبي كان يحصل على 300 دولار شهريا، لكن اليوم إذا حصل تنظيم للعمل وأعطي اللبناني مليونا ونصف المليون ليرة لبناني (ما يقارب مائتي دولار) فعندها سيكون هناك إقبال وحماسة للعمل.