رأى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة:”أن جريمة تفجير مرفأ بيروت التي حصلت في الرابع من آب الماضي هي بحق جريمة العصر، إذ أنها تعتبر من أكبر ثلاثة تفجيرات غير نووية حصلت في العالم. وهي جريمة تحمل معها الكثير من عناصر الشكوك والريبة والتساؤلات الخطيرة حول أسباب حصول هذا التفجير، ولماذا توجهت تلك السفينة وعلى متنها تلك الكميات من نترات الامونيوم، وكيف غيرت وجهتها لتصل إلى مرفأ بيروت، وكيف أفرغت حمولتها في عنابر المرفأ، وكيف أغرقت الباخرة في محيط مرفأ بيروت بعد ذلك. ومن كان وراء مجيء تلك الشحنة الخطرة إلى لبنان، ومن هو صاحبها الحقيقي، ومن هي الفئات التي كانت تحمي استمرار وجود هذه الكميات في مرفأ بيروت عبر تلك اليد الخفية التي كانت تؤمن التغطية الكاملة على تلك المواد المتفجرة والخطرة، ومن كان وراء إخراج كميات منها، لاسيما وأن قسما من حائط العنبر الذي كانت فيه تلك الكميات كان مهدما بما يسمح بالدخول إلى العنبر وإخراج كميات منه”.
وأضاف السنيورة في حوار مع “الحرة” :”كل ذلك يطرح تساؤلات خطيرة تجب الإجابة عليها حتى تكون جميع الأمور والملابسات واضحة أمام جميع اللبنانيين.أما الامر الثاني الذي ينبغي ان يكون واضحا وثابتا، وهو أنه من حق جميع اللبنانيين وكل لبناني، أصيب أو لم يصب، من حقه أن يعلم كامل الحقيقة.انه من حق جميع اللبنانيين ان يعلموا كامل حقيقة ما جرى ولماذا جرى ومن هو المسؤول أو المسؤولين عما حصل”.
وتابع :”الامر الثالث انه لا يجوز على الاطلاق ان تكون هناك خيمة أو حماية تغطي أي انسان او أي فرد او أي مجموعة تكون قد شاركت فيما حصل، أو أن تكون مسؤولة عن ارتكاب اهمال أو تقصير أو تواطؤ مهما علا شأن هذا الشخص أو أولئك الأشخاص وفي أي موقع يشغله أو يشغلونه. إذ لا يمكن التذرع بأي عذر أو سبب ليكون أي شخص في منأى عن المحاسبة والمساءلة. ولذلك، فإنه يجب ان يصار الى كشف الحقيقة كاملة، ولتتم عندها محاكمة أولئك المتورطين والمسؤولين”.
وتابع السنيورة : قد مضى على هذا التفجير أكثر من أربعة أشهر ولا تزال التحقيقات تميل يمنه ويسره ولا يبدو أنها تلامس سوى القشور، وأنها لا تقارب جوهر المشكلات الأساسية في هذه الجريمة، وتحديدا لكشف من أتى بتلك الشحنة إلى لبنان وماذا كان غرضه ومن هو المستفيد منها، ومن كان يستعمل ويخرج كميات منها من العنبر ومن حرم المرفأ، ومن كان يحرص على الا يصار إلى إعادة شحن تلك الكميات إلى خارج لبنان ومن كان يحرص على عدم اتلافها”.
قيل للسنيورة: لماذا حسان دياب؟ لماذا ليس سعد الحريري على سبيل المثال؟ لماذا يقول حسان دياب ان هذا استهداف لمنصب رئيس الوزراء وفيه تجاوز للبرلمان”. أجاب:” قبل ان آتي الى الموضوع الدستوري بشأن الادعاءات التي وجهها المحقق العدلي، أود أن أشير إلى حادثتين مثيرتين للاهتمام، وذلك بما يتعلق بما نقل على لسان فخامة الجمهورية وعن رئيس الحكومة.الأولى، ان فخامة الرئيس وأنا سمعته بأذني شخصيا يقول إنه كانت لديه معلومات وأنه علم بموضوع هذه الكميات من نترات الأمونيوم التي كانت مخزنة في عنابر المرفأ. وأنه علم بهذا الأمر قبل خمسة عشرة يوما من حادث التفجير. وهذا فخامة الرئيس، وهو ليس إنسانا عاديا بل هو قائد الجيش الأسبق، وهو بصفته هذه هو رئيس المجلس الأعلى للدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو أيضا وكعسكري ضليع وصاحب المعرفة والخبرة في المواد المتفجرة وبنوعية هذه الكميات وما يمكن ان يتأتى عن وجود هذه الكميات في عنابر المرفأ وعلى قربة من المناطق السكنية من مخاطر. هذا علما أن لبنان يمنع منعا باتا استيراد أي كيلوغرام من هذه المواد القابلة للتفجير قبل الحصول على الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء. بالتالي، فقد كان رئيس الجمهورية وبكل صفاته يقول انه كان يعلم قبل 15 يوما عن هذه الكميات ولم يتخذ أي اجراء”.
أضاف:”أما رئيس الحكومة، فقد نقل عنه أيضا أنه عندما علم بشأنها، فقد كان بوده ان ينزل الى المرفأ ليعاينها من اجل ان يستكشف ملابسات هذه المسألة ثم عدل عن تلك الزيارة. ولذلك يطرح السؤال: لماذا لم يبادر إلى اتخاذ أي موقف يحول دون بقاء تلك الكميات وما يحمله استمرار وجودها في عنابر المرفأ من مخاطر. الآن لماذا هذه الانتقائية في الملاحقة وفي هذا الامر، فكلاهما مسؤول”.
وتابع :”نعود الى الدستور، فالدستور واضح بشأن ملاحقة الأشخاص الذين ينطبق عليهم أحكام المواد 70 و71 و80 من الدستور، بأن هذا الامر ينبغي ان يصار الى النظر به من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي يؤلف من سبعة نواب وثمانية من أعلى القضاة. وهذا واضح شديد الوضوح في تلك المواد. صحيح أن المحقق العدلي كان قد أرسل رسالة الى مجلس النواب، وبغض النظر عن إشكاليات التبليغ، وذلك بتاريخ 24/11/2020، وحيث يذكر في رسالته أن هناك شبهات جدية على كل رؤساء الحكومات والوزراء الذين تعاقبوا على رئاسة الحكومة وعلى الوزراء الذين تولوا حقائب المال والأشغال والعدل منذ سنة 2013 حتى سنة 2020 وعددهم جميعا 16 شخصا بمن فيهم أربعة رؤساء حكومة”.
أضاف:” المحقق العدلي يخالف الدستور ويتخطى صلاحياته ويخالف مضمون كتابه ويخالف مبدأ فصل السلطات الدستورية لأن الدستور يحرص على حصر الادعاء بمجلس النواب في هذه الحالات. الامر الذي أقوله في هذا الصدد، أنه لا يجوز أن يستعمل القضاء كقناع لعمليات بوليسية أو لتركيب اتهامات من أجل تصفية الحسابات السياسية أو للانتقام.وإذا كان هناك من حيادية حقيقية فمن الأولى ان يصار الى طلب الاستماع إلى فخامة الرئيس الذي قال بعظمة لسانه انه علم بالأمر يوم العشرين من تموز أي قبل 15 يوما من التفجير، أي 15 يوما وهي مدة كانت كافية وكفيلة بتفكيك قنبلة ذرية”.
واردف السنيورة قائلا:”اعتقد اننا ينبغي ان نعود الى التركيز الكامل على كشف الحقيقة بكاملها. لأن هذا التفجير على كبره وأهميته، وبما يخبئه من ملابسات، فإنه لا يمكن الاكتفاء والالتهاء بطلب الاستعانة بالقمر الصناعي الفرنسي حتى يزود الفرنسيون القضاء اللبناني بمعلومات. الامر أخطر من ذلك بكثير وهذا الامر كان ينبغي ان يصار إلى أن يعالج بطريقة مختلفة تماما. وأنا أعتقد أنه لا يمكن ان تتم التحقيقات بشكل حيادي وصحيح الا من خلال العودة إلى المطالبة بتحقيق تجريه لجنة تحقيق دولية. إذ أنه هو الوسيلة الحقيقية والصحيحة والموثوقة من أجل أن يرتاح اللبنانيون ويطمئنوا إلى أنه تجري التحقيقات بحيادية ودون كيدية ودون التغطية على أحد، وليتأكدوا أن الامر ليس فيه عمليات افساد او عمليات استغلال للقضاء من اجل النيل من اشخاص معينين”.