على خلفية عملية تأليف الحكومة من جهة، وادعاء قاضي التحقيق العدلي في جريمة المرفأ فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب من جهة ثانية، اشتعلت حرب ضروس بين بعبدا والتيار الوطني الحر، من ناحية، وبيت الوسط وتيار المستقبل القيادات السياسية – الروحية السنية، من ناحية ثانية، اتخذت أبعادا وأحجاما كبيرة، تطال النظام اللبناني كلّاً.
فالتيار الوطني الحر، يعتبر ان ما فعله الرئيس المكلف سعد الحريري بتقديمه تركيبة حكومية كاملة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون منذ ايام، يشكل تخطيا لصلاحيات ودور الاخير في عملية التشكيل. واذ عكست الهيئة السياسية في التيار هذا الموقف في بيان صادر عنها السبت، لفت ما جاء في مقدمة اخبار قناة او تي في (الناطقة باسم الفريق الرئاسي) امس، اذ قالت “المشكلة اللبنانية هي مشكلة آلية يسميها البعض نظاماً، والبعض الثاني ثغرات في الدستور والبعض الثالث تطبيقاً خاطئاً للطائف”… في المقابل، اعتبرت كتلة المستقبل النيابية انّ “هناك خطة لن نسمح بتمريرها، لا عبر القضاء ولا عبر سواه، لاستهداف موقع رئاسة الحكومة. خطة انتقامية من اتفاق الطائف تستحضر الادبيات الانقلابية في آخر الثمانينات، لفرضها على الحياة السياسية والوطنية بعد اكثر من 30 سنة على سقوطها. واشارت في بيان عالي النبرة اصدرته امس الى “أنّ هناك مخططاً لاحتواء وعزل الموقع الاول للطائفة السنية في لبنان، سواء من خلال التهويل على رئيس الحكومة والادعاء عليه في قضية المرفأ، او من خلال التهويل على المرجعيات السياسية التي تَولّت رئاسة الحكومة خلال السنوات العشر الماضية، وإيداع مجلس النواب كتاباً يدرج رؤساء الحكومات السابقين في لائحة المسؤولية عن انفجار المرفأ”.
فهل فعلا، لم تعد الأزمة السياسية – الحكومية التي نعيش في لبنان اليوم، متعلّقة بصراع على ثلث معطّل يريده الفريق الرئاسي في الحكومة العتيدة، يرفض بيت الوسط تقديمه اليه على طبق من فضة؟ وهل باتت اكبر من نزاع على حقائب وحصص؟ هل فعلا ثمة من يحاول تعديل النظام القائم وتوازناته، لصالح “تكبير” الدور الماروني، على حساب السني، علما ان مسألة تعديل النظام، المستفيد الاول منها سيكون حزب الله، لا سواه؟ وبعد، هل العملية “المزعومة” لقلب المعادلة الراهنة التي أرساها الطائف، تُستخدم فيها كل الاسلحة، وابرزها القضاء، ويصبّ في خانتها، ادعاء صوان، وفتح ملفات تَحرق أوراقَ القيادات السنية الكبيرة، وتلطّخ صورتها، هي ومَن يمكن ان يساندها في موقفها الداعم للطائف، كالرئيس نبيه بري مثلا وزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، تمهيدا لازاحتها نهائيا من المشهد؟ هذه الاسئلة تطرحها مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية”، قبل ان تجيب عليها بما يلي:
الخشية كبيرة من ان تكون المعركة الجديدة، التي تندلع للمرة الاولى بهذا الحجم- بحيث جمعت حتى بين ألدّ الخصوم في السياسة، اكان داخل البيت السني او على الساحة المحلية ككل، وتم خلالها استحضار النظام والدستور والصلاحيات والمؤتمر التأسيسي حتى- الغرضُ منها خلق توازن رعب بين طرفيها، يتيح لهما الوصول الى ما يناسب مصالحهما، من ضمن تسوية او مقايضة. فللخروج من المأزق الراهن – اللهم اذا كانت ثمة نية حقيقية لكسر المراوحة – سيتعيّن على الحريري، اعطاء الفريق الرئاسي ما يرضيه حكوميا، وفي المقابل، سيتم وقف المعركة القضائية المفتوحة اليوم بين الطرفين، ما يعني تعطيل مفاعيل قرار القاضي صوان، ووضع حد لحرب ملفات الفساد.. كان الله في عون اهالي شهداء تفجير المرفأ وفي عون اللبنانيين الجائعين “المنهوبين”، تختم المصادر.