IMLebanon

ثوار النبطية ينتفضون: لا لرفع الدعم

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

 

عاد ثوّار النبطية الى الساحة، لم يروا بديلاً آخر غير رفع الصوت، استشعروا الخطر الداهم من خلف رفع الدعم، تداركوا الأمر، فالمسألة لا تمسّ فرداً بل تمسّ كلّ الفقراء في هذا البلد ممّن يسجلون 80% من سكّان لبنان. كان منطقي جداً تحرّك ثوّار النبطية تحت عنوان “لا لتجويع الناس”، غير أنّ الناس لم تلاقِهم على الأهداف المشتركة، بقوا بموقع المتفرّج، والثوّار بموقع المدافع، ولكن هل سيصل صوتهم؟!

ككرة الثلج تتدحرج الأزمات، لم يعد أحد قادراً على امتصاصها، فكلّ أزمة أخطر من السابقة، ورفع الدعم سيكون القشّة التي ستُغرِق الجميع في وحل الفقر والعوز والويلات. “طفح الكيل، صار لازم الناس تصرخ، ما بعرف شو بعدن ناطرين”، هي عبارة ردّدها ثوّار النبطية بالأمس، في وقفتهم الإحتجاجية رفضاً لرفع الدعم عن السلع الأساسية التي تزيد طين الوضع الإقتصادي سوءاً. يعتب الثوّار على أهالي النبطية لعدم رفعهم الصوت، يسألون عن سرّ صمتهم. في الساحة التي استعادت نبضها بعد توقّف قسري بسبب “كورونا”، عادت قبضات الثوّار ترفع، وشعارات “ثورة ثورة” تُردّد. بقيت أعدادهم ضئيلة بالرغم من انّهم لم يحظوا بمؤازرة شعبية، وتحرّكهم جاء من خلفية معيشية بحتة. أيقن الجميع أن لا أحد يتحرّك من دون إيعاز حزبي، وتدارك الجميع حجم الخطر الذي يقترب من الإنهيار الشامل. ربّما هذا ما دفع بعلي بدير، وهو أحد أركان ساحة حراك النبطية، الى السؤال “ما سرّ تخاذل الناس عن الدفاع عن لقمة عيشهم”؟ وِفق بدير، “وقفة الإحتجاج تندرج في سياق تدحرج كرة الأزمات المعيشية نحو الهاوية”، مؤكّداً “أن الساحة ما زالت حاضرة لتحرّكات قادمة، سيّما وأنّ رفع الدعم سيولد ثورة جياع خطيرة”، غير أنه يأسف “لعدم مؤازرة الناس لهم”، معتبراً “أنّ رفع الدعم سيجلب الويلات للناس وسيخلق هوة معيشية تودي بنا الى جهنّم، وبالرغم من ذلك لا أحد يتحرّك”.

ليس بدير وحده يستغرب تجاهل الناس أزماتهم، فاطمة أيضاً، السيّدة الأربعينية التي خرجت للتحرّك رافعة شِعار “بدنا نعيش ما بدنا نموت من الجوع”، تخشى الأسوأ، فرفع الدعم برأيها سيجعل كيلو اللحم بـ60 الفاً، والدجاج بالميسورة، والمازوت سيصبح حكراً على الطبقة الميسورة، أما الفقير فسيتضوّر جوعاً ويعاني البرد، ومع ذلك لن يتحرّك”. ما يزعج فاطمة ليس غياب الناس عن الدفاع عن قضاياهم، بل مجاراتهم الغلاء والرضوخ لرفع الدعم على مضض، بالرغم من تأكيدها أنّ نسبة كبيرة من العائلات باتت ترزح تحت خط الفقر، وعدداً كبيراً يواجه البطالة، ما يعني أننا أمام كارثة حقيقة تهدّد أمننا الغذائي والصحّي والمعيشي، ولكن لا تندهي ما في حدا”. حاول المحتجّون أمام سراي النبطية إيصال رسالتهم الى الناس، وزّعوا بيانهم على المارة علّهم يقرأون ما ينتظرهم في ما لو رفع الدعم. وِفق طارق، “نواجه تحجّراً فكرياً خطيراً، المؤسف أنّ الكلّ يئنّ ولكن يخشى رفع صوته، والناس تخاف الزعماء والأحزاب، فالموظّف الذي يتقاضى مليون ليرة يعاني من تآكل معاشه، ومع ذلك لا يصرخ خِشية خسارة عمله، الكلّ يصمت ورفع الدعم لن يرحم أحداً، حينها لن ينفع الندم”.

على قلّة عددهم، حاول المحتجّون تأكيد المؤكّد أنّ الساحات ما زالت حاضرة، وحدها “كورونا” أبعدتهم، ورفع الدعم المصحوب بسياسات الفساد التي جلبت الويلات للناس ستعيدهم للساحات بزخم أكبر مُحذّرين “المنظومة الفاسدة التي تعيد إنتاج نفسها، من العواقب المترتّبة عن قرار رفع الدعم، وما ستؤول اليه تداعياته على الطبقة الفقيرة في البلد”.