كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن:
مثّل زياد الحوّاط حالة خاصة في بلاد جبيل، وشكّلت تجربته في رئاسة البلدية نموذجاً يحلم الجميع بتعميمه على كل بلديات لبنان، لكنّ الشاب الجبيلي غامر وقرّر الإنتقال إلى العمل التشريعي في بلد حوّلته الطبقة الحاكمة إلى مدفن للأحلام، فانتفض الحوّاط على هذا الواقع على رغم اعترافه بأن هذه الطبقة الحاكمة لا تخاف إلا من “الكرباج الخارجي”.
يعلم الحوّاط أن درب التغيير بات أصعب لكن الأمل موجود خصوصاً أنه ترشّح باسم الثورة قبل أن تولد إنتفاضة 17 تشرين، لا يوجد سقف لخطابه فهو يهاجم رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره، ويُحمّل “حزب الله” مسؤولية الأزمات التي تضرب البلاد، ولا يستثني من كان في صفّ الحلفاء وعلى رأسهم الرئيس سعد الحريري، في المقابل يعتبر أن الخروج من جهنم يكون بحكومة إختصاصيين مستقلة ومحاكمة كل المرتكبين، والمفاجأة أنه اعتبر أن هناك أيادي داخلية متورّطة مع الخارج هي من فجّرت مرفأ بيروت من أجل تحويل الإهتمام إلى مرفأ حيفا، ورغم الصورة السوداوية يؤكّد أن شجرة جبيل ستعود ولبنان سيقوم ولا مكان إلاّ للأفراح والزينة، ولن يستطيع “حزب الله” تغيير وجه البلد. كل هذه المواقف أطلقها الحواط خلال حوار مع “نداء الوطن” وهذا نصه:
– منذ 10 سنوات كنت رئيس بلدية جبيل وكانت البلدية والبلد في أبهى حللهما، لماذا وصلنا إلى الهاوية؟
جبيل نموذج عن لبنان، فالوضع في هذا العيد هو صورة مصغّرة عما يحصل في البلد، ما فعلته في جبيل أثناء تولي رئاسة البلدية حصل نتيجة خطة عمل مع فريق إختصاصي، وللأسف لم ينتقل هذا النموذج على مساحة الوطن لأن الفساد ضرب المؤسسات طوال السنوات الماضية، وانفجرت التراكمات التي سببتها الطبقة الحاكمة التي تصم آذانها عن سماع صراخ الناس.
– وعدت الشعب لحظة ترشحك للنيابة أن تنقل تجربة بيبلوس إلى كل قضاء جبيل ولبنان، فماذا فعلت منذ إنتخابك نائباً؟
وصلنا إلى بلد منهار وطبقة سياسية متحكمة بكل المفاصل من قضاء وأمن وإدارة ومال، ولم يسمحوا بفتح المجال للجيل الجديد للعمل فلم نتمكن من التغيير نتيجة الطمع والجشع وخطف البلد.
– من يخطف البلد اليوم؟
هناك اثنان، الأول هو المحور السوري والإيراني و”حزب الله” ورهاناته الخارجية على حساب الشعب، والطرف الثاني الفريق الحاكم الفاسد والمنظومة أي رئيس الجمهورية والحكومة وحلفاؤهما.
– هناك لوم أنكم تصبون كل إتهاماتكم على عون والنائب جبران باسيل وتحيّدون الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط؟
ليس صحيحاً، نحن التكتل الوحيد الذي لم يسم الحريري في الإستشارات، نقول اليوم إن هناك منظومة أوصلت البلد إلى الهاوية وعزلته عربياً ودولياً نتيجة أخذ “حزب الله” الدولة إلى المحور الإيراني، بينما المنظومة الداخلية أمعنت بالفساد وهي تتألف من رئيس الجمهورية وحزبه الحاكم ورئيس مجلس النواب وحزبه الحاكم والرئيس الحريري، والمفارقة أنه منذ تاريخ إنتخاب عون واستلام “التيار الوطني الحر” السلطة هناك جشع وطمع وجوع للسلطة لم يمر بتاريخ لبنان، يريدون كل شيء، من بوليس البلدية إلى حاكم مصرف لبنان إلى الرئاسة وحصدوا كل المواقع المسيحية، هؤلاء إستخدموا شعار إستعادة حقوق المسيحيين ليستعيدوا حقوق بعض العونيين.
– لكنكم كتكتل نيابي تضعون خطاً أحمر على استقالة الرئيس، هل تغيّر الموقف؟
نحن مع إعادة تكوين السلطة من جديد، إنتخابات مبكرة ينتج عنها مجلس جديد من ثم نذهب إلى انتخابات رئاسة الجمهورية وحكومة إختصاصيين مستقلة لإنقاذ البلد، إستقالة الرئيس من دون تغيير الأكثرية الحاكمة لا تخدم القضية لأن هذه الأكثرية ستنتخب رئيساً يشبهها على صورة عون.
– ماذا يكفل أن تُغير الإنتخابات المبكرة هذه الأكثرية؟
على الناس أن تختار وتتحمل مسؤوليتها وتقترع لمصلحة لبنان تحت عنوان أي لبنان نريد.
– لماذا كنائب لا تطلب موعداً من رئيس الجمهورية وتقول ما عندك؟
تكلمت في هذا الموضوع أكثر من مرّة وخاطبت الرئيس من مجلس النواب، والقضية ليست علاقة شخصية مشكلتنا مع مشروعه السياسي والوهم الذي عيّش فيه اللبنانيين منذ 30 عاماً أنه مخلّص، فعند الوصول إلى السلطة زادت الأمور تدهوراً، لا إصلاح ولا تغيير ولا وقف للتهريب وقرار الحرب والسلم ما زال في يد “حزب الله”.
– لكن في عهد الرئيس ميشال سليمان لم يتمّ الإتفاق على إستراتيجية دفاعية؟
كلا، في عهده حصلت جلسات عدّة تناولت الإستراتيجية الدفاعية وتم التوافق على “إعلان بعبدا” وتخلوا عنه في ما بعد، والذي ينصّ على حياد لبنان وعدم إدخال البلد في صراع المحاور الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه.
– هل تعتبر أن عهد عون من أفشل العهود؟
أعتبر أن عهد عون أوصل لبنان إلى الفقر وأصبح اللبنانيون “شحادين” ينتظرون كرتونة الإعاشة، فهل هناك أسوأ من هذا؟ قلبي ليس على العهد بل على لبنان، أريد أن يعود الشعب كما كان لا أن يصبح متسولاً ينتظر المساعدة ويفكر بالهجرة، فنحن شعب مبدع.
– لماذا لا تسمي الأشياء بأسمائها بالنسبة لفساد فريق “التيار العوني”؟
أنا ضد سلوك “التيار” منذ عشرات السنوات ولم أر يوماً انهم ناس إصلاحيون يريدون بناء وطن، هؤلاء أصحاب شعارات طنانة رنانة خطفوا عقول اللبنانيين وأوهموهم بالإصلاح، لم يدخلوا وزارة إلا وأفسدوها بدءاً بالطاقة وصولاً إلى كل الوزارات التي أنيطت بهم، 45 مليار دولار صرفت على الكهرباء ولا كهرباء.
– هل سيكمل عون ولايته؟
لا يهمني هذا الأمر، ما يهمني أن يقف لبنان على رجليه وتنتهي معاناة الشعب.
– ماذا تفعل لمواجهة هذه المنظومة؟
تقدمت بمجموعة مشاريع قوانين وأسئلة للحكومة وإخبارات للقضاء المختص طاولت مواضيع عدّة، سألت الحكومة عن 5000 موظف بطريقة غير شرعية ولم نحصل على جواب في بلد ينهار ولم نعرف حتى الساعة موقف ديوان المحاسبة والتفتيش في هذا الملف.
– إتُّهمت أنك دعمت ومولت حراك جبيل في 17 تشرين وأقفلت الطرق، من ثم إنسحب حزب “القوات” بعد سقوط باسيل وحكومة الحريري فما كان دورك في الحراك؟
الثورة بدأتها منذ قرار ترشيحي للإنتخابات، فنحن لم ننزل الناس إلى الطرقات ولم نسحبها، هذه أوهام، الناس نزلت عفوياً بسبب أوضاع البلد، أنا أؤيد الثورة والناس لذلك إتهمنا بتمويل الثورة وتجييش الناس لكن الحقيقة أن الناس إنتفضت، ثورتي بدأت بالبلدية وتستمر من موقعي كنائب.
– ماذا حلّ بالإخبارات التي تقدمت بها في ملف التهريب؟
لم نصل إلى مكان، البضاعة لا تزال تهرّب إلى سوريا، والحق يقع على كل المنظومة، لن يصدر قرار سياسي بضبط التهريب، وأحمل “حزب الله” شخصياً مسألة تسهيله التهريب وأحمّل الجيش اللبناني مسؤولية لأنه لا يقوم بدوره كما يلزم، فدوره حماية الحدود، صحيح أنه يحتاج قراراً سياسياً لكنه إذا شعر أن البلد بخطر فعليه حماية الحدود ووقف التهريب، أما المسؤولية الاساسية فتقع أيضاً على القضاء لأنه لا يتحرّك ومعطّل، تقدمت بإخبارين وحتى اليوم لا يوجد قرار قضائي واحد، الدنيا سايبة والبلد مخطوف من “حزب الله”.
– هل ستسمح الإنتفاضة السنية باستكمال التحقيق؟
أنا أؤمن أن القاضي صوان سيكمل بالإدعاءات والإستدعاءات اللازمة، وأدعو كل الزعماء السنة واللبنانيين لرفع يدهم عن القضاء وترك صوان يقوم بواجبه.
– يُحكى عن إستهداف لموقع رئاسة الحكومة؟
لا يوجد إستهداف لأحد، هناك ناس متورطون إما باللامبالاة أو بالإهمال أو بالمباشر أو غير المباشر، الجميع يجب ان يُحاسب، جريمة بهذا الحجم وتدمير عاصمة وإنتقال الحركة التجارية من مرفأ بيروت إلى حيفا لا يجب ان تمرّ بلا عقاب، تفجير بيروت ليس صدفة بل مخطط تشترك فيه منظومة الفساد في الدولة، لذلك على القاضي صوان الإستمرار بعمله.
– إذا إستمر المتهمون بموقفهم بعدم المثول أمام القضاء ماذا سيكون موقفك كنائب؟
أنا أدعو كل المطلوبين أن يمثلوا أمام القضاء، فاذا رفضوا فهذا يعني أنه عندما طالبنا بتحقيق دولي لأننا كنا مؤمنين أنهم لا يخافون إلا من الكرباج الخارجي والعصا الخارجية، هم قالوا إنهم يريدون قضاء لبنانياً وليس أنا، وأول واحد طالب بهذا التحقيق اللبناني هو دياب، فليتفضل ويتحمل مسؤولية قراره وإذا كان عليه مسؤولية فليحاكم وإذا لا فليخرج بريئاً.
– لماذا إتفق “حزب الله” والحريري على رفض قرارات صوان؟
لأنه عندما تنهي السيطرة السياسية على القضاء كل الطبقة السياسية ستحاكم وتحاسب. فهل وجود 2500 طن نيترات في مرفأ بيروت صدفة، فما حصل جريمة موصوفة ضد بيروت لضربها إنسانياً وحياتياً وإقتصادياً واجتماعياً وخدماتياً، وإنتقال الحركة الإقتصادية إلى بلد آخر.
– ما تقوله يعني أن هناك أيادي إسرائيلية في التفجير؟
هناك أياد تدميرية داخلية وخارجية هدفها تدمير لبنان، واتفقوا على تدمير بيروت وهذه حقيقة لأن التفجير لم يحصل بتاريخنا وتاريخ معظم الدول، ولن نسمح ان يمرّ مرور الكرام.
– هل انت خائف من العقوبات الأميركية؟
ليت كل من تعاطى بالسياسة تعاطى بشفافية ونزاهة مثلما تعاطينا. وكذلك «القوات» ضميرها مرتاح ويجب على كل سارق مال عام أن يحاسب.
– هل تؤيد العقوبات على باسيل؟
لم يسألني الاميركيون ولم يأخذوا برأيي لكنهم يقولون إن هناك أسباباً موجبة لهذه الخطوة وهناك مجتمع دولي سيحاسب الفاسدين.
– لو كان هناك قرار خارجي بإقفال الحدود ألم تكن لتقفل؟
لا نريد تكبير اللعبة للتخلي عن مسؤولياتنا، الطابة في يد الدولة اللبنانية.
– هناك كلام بأن شح الدولار هو لضرب سوريا خصوصاً بعد كلام الرئيس بشار الأسد عن إحتجاز 22 مليار دولار لسوريين، فما ردكم؟
هذا الرقم غير صحيح، وقد قالها الأسد ليضع النظام المصرفي اللبناني أمام العقوبات وضربنا، وليبرر الأزمة الإقتصادية السورية، وأستغرب لماذا لم ترد رئاسة الجمهورية اللبنانية على الأسد.
– هل وصلنا إلى وقف الدعم؟
أموال لدعم السلع لم تعد موجودة في المركزي، لكن وقف الدعم عشوائياً يعني كارثة على الشعب وجريمة كبرى تضاف إلى جرائم السلطة، وضعوك امام إحتمالات كارثية، إما المس بالإحتياطي الالزامي او التصرف باملاك الدولة أو بيع الذهب ورهنه أو ترفع الدعم وكل الأمور كارثية، هؤلاء الموجودون في السلطة غير مؤهلين لحل مثل هكذا ازمة، كان يفترض ترشيد الدعم منذ أكثر من سنة، هناك 15 يوماً لنهاية السنة ولم نصل إلى نتيجة، فنحن كتكتل وكحزب «قوات» نطرح مشروعاً واقعياً يحاكي هذا الملف الحيوي وقابل للتنفيذ.
– ماذا عن الثورة السنية المتضامنة مع الرئيس حسان دياب وبأي إطار تضع دعم الحريري له؟
أنا أنادي بفصل السلطات وعدم الضغط على القضاء، نحن كمسؤولين يجب ان نبدأ بأنفسنا، فغير جائز أنه عند إصدار أي حكم قضائي تستنفر الطائفة ورجال الدين والسياسيون، ما قام به القاضي صوّان قانوني إتخذ خطواته بعد التحقيقات فلننتظر النتيجة.
– هناك ملامة سنية بأنها لم تصل إلى عون؟
التحقيق مستمر والإستدعاءات لم تنته، قد تصل إلى رئاسة الجمهورية، لكنني لا أسمح لنفسي أن أسأل القاضي لماذا استدعيت فلاناً ولم تستدع علاناً، ولست قاضياً لأعرف إذا كان الرئيس متورطاً، لكن أعرف ان تخاذل الجميع ادى إلى هذه الكارثة الإستثنائية.