كتبت ماجدة عازار في صحيفة نداء الوطن:
سجّل الوزير السابق بطرس حرب جملة ملاحظات مبدئية، وملاحظة أساسية وثابتة، حول المسار القضائي في ملف انفجار مرفأ بيروت.
واكد لـ”نداء الوطن” انه “من المخاطرة بمكان ان يبدي شخص رأيه بتحقيق قبل الاطلاع على محتواه وما تضمن من افادات أُعطيت خلاله، الا انّ الخلاصة التي امكن الوصول اليها حتى الآن، هي انّ المحقق العدلي فادي صوّان ادّعى على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، وعلى وزير المال السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بجرم الإهمال والتقصير والتسبّب بوفاة وايذاء مئات الأشخاص، في جريمة تفجير مرفأ بيروت، والآلية المتبعة حتى الآن تجعلني أبدي ملاحظات مبدئية من أبرزها:
اولاً، في الكتاب الذي ارسله المحقّق العدلي الى مجلس النواب، هناك مخالفة في الشكل، اذ لا يحقّ للمحقّق العدلي ان يتوجه بكتاب الى المجلس، لان اي علاقة بين المجلس واي سلطة او اي وزارة لا تتمّ الا بواسطة الوزير المسؤول، اي وزير العدل، فالقاضي يخاطب المجلس من خلال وزير العدل، وما جرى خطأ شكلي مخالف للاصول المتبعة.
ثانياً، ان ما ورد في كتاب القاضي صوّان الى المجلس النيابي من غمز، بأنّ المجلس قصّر في عملية محاسبة المسؤولين بالرغم من مرور 3 اشهر، كما قال، على التفجير، هو في الحقيقة في غير محله اطلاقاً، إذ كيف سيدّعي المجلس على احد اذا كانت التحقيقات غير منتهية بعد، واذا كان لا يعلم ما هي مسؤولية كل شخص؟ لذلك هذا الكتاب جعل قاضي التحقيق في مواجهة مع مجلس النواب من دون مبرّر، علماً ايضا انّ ارساله طلباً لملاحقة هؤلاء الاشخاص وبالشكل المرسل، من دون وجود اي خلاصة او نسخة عن التحقيقات التي اجراها والتي تثبت ان عليهم مسؤوليات فيه ايضاً خطأ كبير، فلكي يتمكّن النواب من ان يباشروا في عملية اتهام المسؤولين لاخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم، يجب ان تكون لديهم تحقيقات تدلل على مسؤولياتهم لكي يتحرك عدد منهم في المطالبة بحصول اتهام لهؤلاء، وهذه الآلية تتّبع بحسب الدستور وحسب قانون اصول المحاكمات لدى المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
ثالثاً، ان ارسال الكتاب الى المجلس بهذا الشكل ومن دون ذكر المسؤولين الذين علموا بوجود المواد القابلة للتفجير والتي تعرّض حياة المواطنين للخطر، ومن دون ان يتخذوا اي تدبير خطأ، لأنّ المسؤولية لا تنحصر في هؤلاء، بل تتجاوزهم الى رئيس الجمهورية الذي اعلن شخصياً انه تبلغ بوجود تلك المواد الا انه ليس لديه صلاحيات وهذا طبعاً يناقض الدستور، لأن لديه ما يكفي من الصلاحيات لتحريك مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الاعلى وللطلب الى الوزراء المختصين اتخاذ التدابير، وهذا ما لم يقم به رئيس الجمهورية، ولو ان المحقق العدلي ـ لانه لا يملك صلاحية الادّعاء على رئيس الجمهورية او طلب اتهامه باي جرم يرتكبه ـ ترك لمجلس النواب تقرير ما اذا كان الرئيس مسؤولاً او غير مسؤول، لاتهامه او محاكمته، فاعتقد ان القضية لكانت خرجت من اطار التجاذب الطائفي”.
اما ملاحظة حرب “الاساسية” فتكمن في ان “التحقيق كما يبدو، يدور حول: من اهمل اتخاذ التدابير لتفادي حصول التفجير، لكن لم يتبين حتى الآن ان التحقيق يبحث عمّن أتى بنيترات الامونيوم الى لبنان؟ ومن اين جاء بها، ومن تسبّب ببقائها؟ ومن عطّل الباخرة التي كانت تنقل هذه المواد الخطرة وجعل ذلك مبرّراً لتخزينها في المرفأ؟ ومن هو المسؤول الامني المختصّ الذي وضعها في مكانها من دون اتخاذ التدابير المطلوبة لحماية المواطنين من خطر كبير كالخطر الذي تسبّب به التفجير؟ فكل ذلك ليس وارداً في المعلومات بحسب الاعلام. فليس لدينا في الحدّ الادنى حتى الآن فكرة حول ما اذا كان حصل تحقيق في هذا الأمر، او اذا كانت هناك نية باجراء تحقيق او نية لعدم التوسّع في التحقيق في هذا المجال لكي لا يطاول اشخاصاً محميين، وكذلك لم يتبين من استعمل كميةً من هذه النيترات ولماذا؟ فكل هذه الامور تظهر في التحقيق، واذا لم يحصل ذلك التحقيق يكون ناقصاً”.
وأضاف حرب: “انا لا اعرف القاضي صوان شخصياً لكنه قاض جيّد، الا انّ لكل شخص بعض الاخطاء واعتقد ان المجال لا يزال متاحاً لتصحيح الخطأ او الجدل او الاشكال الحاصل، بتصحيح طلبه الى مجلس النواب وارسال نسخة عن التحقيق الى المجلس لكي يستطيع تحديد المسؤولية وبالتالي متابعة التحقيقات لتطال كل المسؤولين وليس وزيري الاشغال ووزير المال فقط، بل يجب معرفة من أنزل النيترات الى الارض ولماذا؟ وهل مخطط ارسالها الى لبنان لكي تكون في تصرف “حزب الله” لاستعمالها كمادة عسكرية؟”.
وعليه، ابدى حرب تفهمه لمطالبة البعض بلجنة تحقيق دولية تتولى ازالة كل هذه الالتباسات.