مصائب قوم عند قوم فوائد. فجأة… وفيما كان بعض المعنيين بتأليف الحكومة المعقد أصلا يحرصون على الظهور في موقع الحرص على تحريك العجلات الحكومية قبل زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت، والتي كانت مقررة الثلثاء والأربعاء المقبلين، أصيب ماكرون بفيروس كورونا، فذهبت رحلته البيروتية الثالثة أدراج الرياح، وإن بشكل موقت. فهل يستفيد المسؤولون اللبنانيون من هذه الفرصة الجديدة المتاحة لتسريع التشكيل؟
هذا السؤال تطرحه عبر “المركزية” مصادر سياسية مراقبة، متمنية أن يبادر المسؤولون إلى خطوة من هذا النوع لأسباب عدة أولها أن الجميع متيقنون من أن البلاد ما عادت تحتمل ترف التأجيل، مع العلم أن الرئيس المكلف سعد الحريري كان واضحا في تصريحه من على منبر بكركي أمس بقوله إن المسألة لا تكمن في تأليف حكومة “كيفما اتفقنا”، بل في إنقاذ البلاد.
على أن الأهم في ثاني أسباب ضرورة الاستعجال في التشكيل، وهو الضغط الدولي الكثيف في هذا الاتجاه. ذلك أن بعيد التصريح الناري لوزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان عن أن لبنان “يشبه التيتانك”، تناهت معلومات ذات طابع ديبلوماسي إلى “المركزية” تفيد بأن هذا التصريح ليس مجرد جرس إنذار فرنسي جديد في اتجاه بيروت بل هو التعبير الأكثر صراحة عما تسميها مصادر غربية مطلعة “صدمة” الرئيس الفرنسي ازاء نوعية الطبقة السياسية في لبنان، معتبرا أنها تبدو غير مهتمة بإنقاذ لبنان، فيما الدول الداعمة والصديقة تبذل جهودا كبيرة في هذا الصدد.
وكشفت المصادر أن ماكرون الذي يمارس كثيرا من الضغط لحل الأزمة اللبنانية ما عاد يحصر مشاوراته في هذا الملف مع خلية الأزمة المكلفة القضية اللبنانية، بل وسع البيكار ليشمل المسؤولين الدوليين الذين التقاهم في الفترة الأخيرة. بدليل أن الملف اللبناني حضر في اجتماع زعماء دول المجلس الأوروبي في بروكسل الأسبوع الفائت. كذلك، كان لبنان في صلب النقاشات التي دارت بين ماكرون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
وفي هذا السياق، نبهت المصادر إلى أن تكريس وقت من القمة الفرنسية- المصرية لبحث الملف اللبناني مؤشر يجب أن يؤخذ في الاعتبار. ذلك أن هذا اللقاء كان الأول بين ماكرون وزعيم واحدة من أهم دول العالم الاسلامي، بعد الهجمات التي تعرضت لها فرنسا في أواخر تشرين الأول الماضي والتي أطلقت موجة من الكراهية بين العالم العربي وفرنسا، التي أصر رئيسها على التمسك بحرية التعبير التي تميز بلاده.
إلا أن المصادر لفتت أيضا إلى أن السيسي سارع إلى ملاقاة ماكرون إلى منتصف الطريق، بتأكيده عقب اللقاء أن الدول العربية “لم تتخل عن لبنان”، فيما حض ماكرون الساسة اللبنانيين معتبرا أن البلاد “لا يجوز أن تكون رهينة في أيدي أي طبقة سياسية”.
بدوره، أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي أن الجامعة مستعدة لمساعدة لبنان عند الحاجة، من دون أن يفوته تذكير اللبنانيين بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم. غير أن المصادر أشارت إلى أن العالم العربي قد لا ينتظر تحرك المسؤولين اللبنانيين، ولا حتى تحديد موعد جديد لزيارة ماكرون إلى بيروت، كاشفة أن كلاما يدور في الكواليس عن أن قنوات التواصل بين القاهرة والرياض مفتوحة، وكذلك بين مصر وايران، بما من شأنه أن يخدم هدف ولادة الحكومة اللبنانية في أقرب الآجال.