كتب رضوان مرتضى في جريدة الأخبار:
كان من المرتقب أن يمثل المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا أمام المحقق العدلي فادي صوّان الخميس، بصفة مدعى عليه في انفجار مرفأ بيروت، بعدما تُرِك رهن التحقيق الأسبوع الماضي إثر جلسة استجواب استمرّت ثلاث ساعات وقوفاً. ووسط كلام عن توجه صوّان لتوقيف صليبا، كشفت مصادر مطّلعة أنّ الأخير لن يحضر الجلسة بذريعة عدم تبلّغه موعدها، على أن يتولى الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية إبلاغه بواسطة المجلس الأعلى للدفاع. كذلك لم يُبلّغ وزير الأشغال العامة السابق يوسف فنيانوس بعد بموعد جلسة الاستماع إلى إفادته كمدعى عليه في القضية، علماً بأن فنيانوس قرر المثول أمام القاضي رغم أنّ لا حصانة له بوصفه وزيراً سابقاً، فيما تبقى لديه حصانة المحامي؛ إذ لن يكون بالإمكان ملاحقته إذا لم تعط نقابة المحامين إذناً بذلك، وهذا مستبعدٌ باعتبار أنّ وكيل الدفاع عنه هو نقيب المحامين في طرابلس والشمال محمد مراد.
بالتزامن، طلب وزير الأشغال السابق غازي زعيتر ووزير المال السابق علي حسن خليل الحصول على مستندات ملف الادعاء لضمّها إلى طلب نقل الشكوى للارتياب، التي تقدّما بها أمام رئيس غرفة في محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجّار. وبذلك يكون أمام صوّان مهلة عشرة أيام للردّ على الطلب، علماً بأنّ طالبي نقل الملف انطلقا من المادتين 70 و 71 من الدستور، معتبرين أنّ «الاختصاص الوظيفي للتحقيق معنا ولاتّهامنا، ومن بعد ذلك لمحاكمتنا، هذا على فرض ثبوت ارتكابنا بمعرض أدائنا لمهامنا الوزارية لأيّ فعل معاقب عليه قانوناً – يعود تباعاً وحصرياً الى المجلس النيابي والى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء»، معتبرين أنّ المحقق العدلي وقع في محظور مخالفة الدستور. وعدّد النائبان الأسباب التي دفعتهما إلى الارتياب المشروع وطلب نقل الشكوى، منها اعتبارهما أنّ المحقق العدلي وقع في «التعمية والمحاباة»، واصفين أداءه «بعدم الموضوعية وبعدم الحيادية»، ولافتين الى أنّ «سعيه مُنصَبُّ في أحد مفاصله على طمس بعض الحقائق وصرف الأنظار عنها عوض السعي الى كشفها وتظهيرها».
وذكّرا بأنّ تخزين النيترات «تمّ بقرارٍ قضائي صادر عن قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، وكلّف أحد القضاة خبيرة محلّفة متخصّصة في المتفجّرات للكشف عليها، وقد رفعت تقريراً بيّنت فيه أن كميّة النيترات المخزّنة في العنبر الرقم 12 تشكّل خطراً، وهي عرضة للانفجار. لكن القاضي الذي تلقّى التقرير لم يحرّك ساكناً». لذلك اعتبرا أنّ «صمت المحقّق العدلي تجاه هذا المعطى من دون أن يُحرّك دعوى الحق العام في حقّ أحد من القضاة يولّد ارتياباً مشروعاً بحياديته، ويشي بأنّه يحاول التعمية على هذا التقصير الفاضح من قبل زميليه محاباةً لهما».
واتهم النائبان صوان بتنفيذ أجندة سياسية، وأنّه «توخى من وراء ادّعائه الأخير عليهم استجلاب الإطراء من حالة شعبوية ضغطت عليه مؤخّراً وتظاهرت مراراً تحت منزله استنكاراً لبطء إجراءاته ومطالبةً بتوقيف رؤوس كبيرة». وذكرا أنّه «انقلب بين ليلةٍ وضحاها من قاضٍ يعتذر منّا عند استقباله لنا في مكتبه لخمس دقائق كشهود، مدلياً أمامنا بأن ما يُنسج في حقّنا إعلامياً سخيف ولا أساس له (…) الى سبع يدّعي علينا ويحرّك دعوى الحق العام في حقّنا، ضارباً بالقواعد الدستورية عرض الحائط… رغم أنّه لم يطرأ أيّ معطى أو مستجدّ يبرّر انقلابه على موقفه الأوّل، عدا عن حالة الضغط الشعبي والإعلامي، وعن تلك الأجندة السياسية الطامحة الى تبييض وجوه من خلال محاولة المسّ بوجوه أخرى».
واستعان طالبا النقل بـ«خبر انتشر في وسائل الإعلام، مفاده أن المحقق العدلي، وفي الساعة العاشرة من قبل ظهر النهار الذي جرى فيه الادّعاء علينا، تداول في الأمر مع رئيس مجلس القضاء الأعلى بحضور المدعو روي الهاشم، صهر فخامة رئيس الجمهورية، لمدة أربعين دقيقة، والأخير كان يراجع في قضية توقيف الضابط الندّاف ويستنكر توقيف هذا الضابط الصغير الرتبة دون رئيسه، فكان الجواب: انتظر وبعد قليل ستسمع خبراً سيهزّ الرأي العام. وقد صدر الخبر بعد ساعات». وتساءل المدّعيان: «أين المهنية والحيادية وسريّة التحقيق من إقدام المحقّق العدلي على التداول في الأمر مع قاضٍ آخر مهما علت رتبته؟ وهل من الجائز أن يعلم صهر رئيس الجمهورية بالأمر قبل أن يبلّغ المدعى عليهم بذلك؟».
كذلك اعتبر طالبا النقل أنّ هناك «تخبّطاً في المواقف شاب المحقق العدلي الذي أمعن في هتك السريّة وفي الاستعراض والتعمية والمحاباة والتجرّؤ على القواعد الدستورية التي تعطي الاختصاص الوظيفي للمجلس النيابي»، و«لم يتوان عن أن يضرب عرض الحائط بواقع أن المجلس النيابي في عقد عادي، وأنّه لا يجوز تحريك دعوى الحق العام في حقّ النائب إلاّ بعد إذنٍ من المجلس».
كما أشارا إلى الانتقائية والاستنسابية على اعتبار أنّه «اختار ثلاثة وزراء ورئيس حكومة محسوبين على طرف سياسي واحد، رغم إشارته سابقاً إلى 12 وزيراً و 4 رؤساء حكومات». وسألا: «لماذا لم يدّعِ المحقق على أحدٍ من وزراء العدل الذين سبق أن اعتبر في قراره أنّه تحوم حولهم شبهات جديّة؟».
واستفاض النائبان في تفنيد الموجبات التي دفعت بهما إلى الشكّ في أدائه، طالبَين إصدار قرار بنقل القضية من يده للارتياب المشروع.