كتبت صحيفة نداء الوطن:
كعيدية “بابا نويل” نزل خبر إرجاء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الطبقة الحاكمة في لبنان، فجاء إعلان إصابته بفيروس كورونا ليثلج صدوراً عامرة بالتعطيل أدمنت عرقلة الحلول وامتهنت وأد المبادرات والفرص، لكنها وإن تنفست الصعداء بعد التحرّر من السقف الزمني الضاغط لزيارته، عادت لتحبس الأنفاس مع تأكيد الرئاسة الفرنسية أنّ ماكرون يواصل نشاطه “عن بُعد”، بينما نقلت الزميلة رندة تقي الدين من باريس أنّ مستشاريه المعنيين بمتابعة تطورات الملف اللبناني ما زالوا يعملون كالمعتاد ولم يصب أي منهم بكورونا.
وعلمت “نداء الوطن” أنّ هناك تفكيراً جدياً بتحديد موعد آخر لزيارة لبنان، لأنّ الرئيس الفرنسي ما زال مصراً على الاستمرار في مبادرته رغم كل العوائق التي تعترضه، وآخرها فيروس كورونا الذي حال دون مجيئه إلى بيروت الأسبوع المقبل.
توازياً، لفت الانتباه حراك عربي باتجاه لبنان عبر إيفاد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي للقاء المسؤولين وإبداء الجهوزية للمساعدة في إخراج البلد من أزمته “إذا كان اللبنانيون راغبين ومهتمين بأن يكون هناك دور عربي لمساعدتهم”.
وأوضح السفير زكي لـ”نداء الوطن” أنه أتى إلى لبنان “بتكليف من الأمين العام للجامعة العربية وبمهمة من الجامعة تهدف إلى المساعدة”، وأضاف: “نحن نعرض المساعدة السياسية، وأشدد على كونها مساعدة سياسية، لأننا لا نقدم مساعدات مالية، فإذا طلب لبنان أن تلعب الجامعة العربية هذا الدور المساعد، نحن جاهزون بكل سرور”.
ورداً على سؤال، أكد زكي أنّ “الأزمة تبدو عميقة ومعقدة جداً ويجب علينا مساعدة لبنان لتخطيها”، مشيراً إلى أنّ “غالبية” من التقاهم أعربوا عن “رغبتهم وترحيبهم بالمساعدة التي من الممكن أن تقدمها جامعة الدول العربية”.
وفي سياق متصل، أضاءت مصادر ديبلوماسية عربية على أهمية زيارة بيروت لأنها “تظهر أنّ الجامعة العربية لم تتخلّ عن لبنان بل هي عازمة على الوقوف إلى جانبه، لكنّ المشكلة في أنّ لبنان هو من ابتعد عن محيطه العربي وبالتالي من الصعوبة بمكان أن تبادر الدول العربية وتحديداً الخليجية منها إلى مساعدة لبنان مالياً ما لم يساعد هو نفسه”.
وأبدت المصادر العربية لـ”نداء الوطن” أسفها لأداء الطبقة السياسية اللبنانية “والتعامل مع الأزمة الطاحنة التي يتعرض لها البلد بشكل لا يرقى إلى المستوى المطلوب”، مستغربةً بشكل أساس “عرقلة فريق معيّن، وهو التيار الوطني الحر، عملية تشكيل حكومة إنقاذية عبر وضع شروط تعقّد مسار التأليف في هذا الوقت الحرج الذي يمر به اللبنانيون”، وأردفت: “للأسف لا نلمس أي نية جدية في حل الأزمة لدى بعض المسؤولين اللبنانيين، فتراهم لا يزالون يطالبون بحقائب وأعداد معينة من الوزارات بينما الشعب اللبناني أصبح يرزح تحت خط الفقر”.
واستشعاراً لخطر الاستمرار في دوامة التعطيل الهدّامة، دخل البطريرك الماروني بشارة الراعي على خط الوساطة لتذليل العقد والعقبات أمام تأليف حكومة المهمة الإصلاحية، في سياق يساهم في سد الفراغ الذي أحدثه تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي إلى لبنان، ويعتبره مراقبون “خطوة منسقة مع الجانب الفرنسي”.
وغداة لقائه المطوّل مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في بكركي، يزور الراعي قصر بعبدا لاستكمال مسعى تقريب وجهات النظر بين رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري. وبحسب المعلومات التي توافرت لـ”نداء الوطن” حول مسعى الراعي، فإنه يحاول القيام بخطوات عملية من أجل تحقيق خرق حكومي خصوصاً وأن إرجاء زيارة ماكرون قد يزيد من تأزم الوضع. ومن هذا المنطلق، يطرح البطريرك الماروني “خطوطاً عريضة لسبل الخروج من المأزق الحكومي، وهذه الخطوط كان قد عرضها (أمس الأول) مع الحريري وسيعرضها (اليوم) مع عون”.
وتشير المعلومات إلى أنّ الراعي يعمل أولاً على “تبريد الأجواء” بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بموازاة “كسر الجليد” بين الحريري والقيادات المسيحية الأساسية، على أساس الوصول إلى خواتيم لا تظهر الحريري وكأنه يتخطى المسيحيين في تشكيلته الوزارية، التي يرى البطريرك وجوب إخراجها من “منطق الصراع على الصلاحيات بين رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني، لأنّ المعركة الحقيقية اليوم هي مع الجوع والانهيار”.
وعليه، فإنّ مبادرة الراعي “ستضع الجميع أمام مسؤولياتهم، وخصوصاً الرئيسين عون والحريري، عبر حثهما على الإسراع في تأليف حكومة اختصاصيين مستقلة ترضي الشارع المنتفض والدول الراغبة بمساعدة لبنان وعلى رأسها فرنسا”، لذلك سيركز في مبادرته على أهمية تقديم كل من عون والحريري “التنازلات المتبادلة المطلوبة لتكون ولادة الحكومة الإصلاحية بمثابة عيدية اللبنانيين في شهر الأعياد”.
قضائياً، دخل ملف التحقيقات في انفجار المرفأ في “سبات قسري” فرضه الادعاء المضاد الذي شنّه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عبر عضوي كتلته النيابية المدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر، على المحقق العدلي القاضي فادي صوان طلباً لكف يده عن القضية بدعوى “الارتياب المشروع”. وبانتظار بتّ محكمة التمييز في الدعوى، آثر صوان تعليق تحقيقاته واستجواباته لمدة عشرة أيام، بما يشمل إرجاء جلسة استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب التي كانت مقررة صباح اليوم.
وإذ سيكون أمام المحقق العدلي مهلة عشرة أيام لتقديم رده ودفوعه في مواجهة دعوى “الارتياب”، استرعى الانتباه هجوم مضاد على العصيان السياسي لمسار التحقيقات القضائية من جانب نقيب المحامين ملحم خلف الذي أكد مساءّ لقناة “أم تي في” عزم النقابة على التصدي لـ”الخطوة الالتفافية على القضاء” من جانب أهل السلطة.