كتبت كلير شكر في صحيفة نداء الوطن:
للأسبوع الثاني على التوالي، تؤجل لجنة الأشغال العامة النيابية فتح ملف الكهرباء. المرة الأولى، حصل التأجيل لأسباب تقنية، فيما المرة الثانية احتل النقاش حول مصير العقد التشغيلي الموقع بين “مؤسسة كهرباء لبنان” و”شركة كهرباء زحلة”، الجانب الأكبر من نقاشات اللجنة، فتمّ ترحيل ملف الكهرباء، في ضوء الخلافات العلنية التي خرجت إلى الضوء بين وزارة الطاقة وإدارة المناقصات، إلى الأسبوع المقبل.
في الواقع، فإنّ أنظار ومسامع أكثر من فريق نيابي، كانت شاخصة على الجلسة، وتترقب ما سيدلي به رئيس إدارة المناقصات جان العلية الذي لم يتوان خلال مؤتمره الصحافي الأخير، الذي خصصه للردّ على الوزير السابق سيزار أبي خليل، عن الإشارة إلى مخالفات كثيرة يحويها هذا الملف ويخفيها في طيّاته. يسود الاعتقاد أنّ جلسة المواجهة بين الفريقين ستكشف بعض الحقائق وتوضح الكثير من الالتباسات التي من شأنها أن تسلط الضوء على مكامن الهدر في هذا الملف الذي كلف الخزينة العامة عشرات المليارات من الدولارات.
ولهذا، تقدّم “اللقاء الديموقراطي” بطلب رسمي أمام إدارة المناقصات، وفق قانون الوصول إلى المعلومات، للحصول على المستندات اللازمة لتدعيم الإخبار الذي أودعه النيابة العامة التمييزية في ملف مناقصات بواخر الكهرباء، وارتكز فيه إلى ما أدلى به رئيس إدارة المناقصات في مؤتمره الصحافي الأخير، حول “ارتكابات تحصل في وزارة الطاقة عبر تقديم دفاتر شروط في موضوع المناقصات في ملف الكهرباء، تؤدي دائماً إلى عارض واحد بما يتنافى مع قانون المناقصات والأصول للحفاظ على المال العام، وهذا يدلّ على الإمعان في سياسة الهدر والنزف والسمسرات والصفقات”.
صحيح أنّ قضية كهرباء زحلة تحتلّ سلّم الأولويات كون العقد الحالي الموقع مع شركة كهرباء زحلة ينتهي امتيازه في 31 كانون الأول المقبل، وكان لا بدّ من تسريع النقاشات بِشأن الصيغة المستقبلية منعاً لوقوع زحلة في العتمة، لكنّ بعض النواب انتابتهم الشكوك خصوصاً وأنّهم أصروا على رئيس لجنة الأشغال نزيه نجم المضي سريعاً في فتح ملف الكهرباء على مصراعيه بلا أي تأجيل. وإذ به يُرحّل إلى الأسبوع المقبل.
يسود الاعتقاد في أوساط نواب من غير فريق “المستقبل”، أنّ الأخير يحاذر الاقتراب من هذا الملف لاعتبارات تخصّ “التيار الوطني الحر”، أسوة بما يفعله الأخير في ما يخصّ ملف الاتصالات الذي لا يقلّ فداحة وهدراً عن ملف الكهرباء. وقد تحوّل بدوره خلال السنوات الأخيرة إلى مزراب للملايين والتنفيعات التي تنهل من معجنها القوى السياسية. بينما يتدحرج حجر الإدعاءات “الإصلاحية”، ليشمل ملف المهجرين، الكهرباء، وقبلهما الفيول، يبدو أنّ ملف الاتصالات لم يجد له فريقاً سياسياً يحمله إلى القضاء، تاركاً المهمة لغير القوى السياسية التي قررت التصدي لها وفق الأطر القضائية.
وقد عادت صفقتا ايجار مبنى تاتش وشرائه اللتان كلفتا الخزينة العامة حوالى مئة مليون دولار، الى الواجهة من خلال دعوى قضائية رفعت أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت وقد تقدم بها وسيم منصور وهو حامل لسهم من شركة تاتش بالتعاون مع المفكرة القانونية، وذلك ضد الوزيرين السابقين جمال الجراح ومحمد شقير بتهمة استغلال السلطة وصرف النفوذ والرشوة. ويفترض أن تكون الجلسة الأولى في السابع من كانون الثاني المقبل.
المسألة ليست في القضية بحدّ ذاتها، وإنما في كيفية تعاطي القوى السياسية مع ملفات الفساد. حتى اولئك الذين يتأبطون بعض الإخبارات، غير معفيين من تهمة الاستنسابية والانتقائية في اختيار ما يريدون من فضائح لرفعها إلى القضاء، الذي انتظر منه اللبنانيون أن يتحرك من تلقاء ذاته بمجرد الاستماع إلى الفضائح تتطاير على ألسنة النواب والوزراء. وما أكثرها.
يقول نواب معارضون إنّ التسوية الرئاسية التي نسجها “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”، عُلّقت مندرجاتها. لكن مفاعيلها في صراع الملفات القضائية، يبدو أنها لم تجمّد. يشيرون بأصابعهم إلى ملفّي الكهرباء والاتصالات للدلالة على أنّ أياً منهما ليس بوارد تشريع هاتين “المغارتين” على مصراعيهما.